الدسكرة (1). وبلغ ذلك قحطبة فقال لبعض أصحابه: ذر ابن هبيرة ينزل أين شاء ويرحل إلى حيث يشاء فلسنا نريده، وإنا نريد لصاحبه مروان بن محمد بن مروان إلى أن تعرض لحربنا فلا نجد بدا من دفعه عنا. قال: ثم أقبل قحطبة على أصحابه وقال: اطلبوا دليلا يدلنا على أرض العراق وطريق الكوفة ويأخذ بنا على غير الجادة، قال: فوثب رجل من همذان يقال له خلف بن مورع فقال: أيها الأمير!
أعرف الطريق أنا من ههنا إلى الكوفة إلى براعن (2) يزيد بن [عمر بن] (3) هبيرة فلا تراه ولا يراك، فقال: إذا سر بين أيدينا فإذا سلم الله فلك عندي عشرة آلاف درهم.
قال: فسار الهمذاني بين يدي قحطبة حتى عبر لهم نهرا يقال له تامرا (4)، ثم سار في طريق قاصد حتى صار بهم إلى مدينة يقال له عكبرا (5) على شاطئ الفرات وهي الدجلة، ثم عبر بهم من الدجلة آلى موضع يقال له أوانا (6).
قال: فنزل قحطبة أوانا (6)، واتصل الخبر إلى يزيد بن [عمر بن] (3) هبيرة فقال لأصحابه: ما تقولون الان في أمر قحطبة؟ فقالوا: أيها الأمير! إن قحطبة يريد الكوفة فذره وانزل إلى خراسان فخذها، فقال ابن هبيرة (7): أسير إلى خراسان وفيها أبو مسلم الخراساني في مائة ألف عنان، لا، ولكني أبادر إلى قحطبة وأسبقه إلى الكوفة. وسار يزيد إلى الكوفة فاقتربت العساكر بعضها من بعض، وأقبل قحطبة حتى نزل على شاطئ الفرات وأمر أصحابه بالنزول إلى الجانب الاخر وذلك وقت المساء، فجعل القوم يعبرون ووافتهم العساكر مع يزيد بن [عمر بن] (3) هبيرة وقد عبر عامة الناس، فتناوش القوم وأقبلوا على شاطئ الفرات، واختلط الظلام وذهب قحطبة ليحمل على جماعة من بني يزيد، فانهار الجرف من تحت قوائم الفرس فسقط به في الفرات فغرق ولم يعلم به أحد من أصحابه، غير أنهم كانوا يقاتلون أشد القتال حتى أصبحوا، فانهزم أصحاب يزيد بن [عمر بن] (3) هبيرة هزيمة قبيحة وقد