من حياة الخليفة عمر بن الخطاب - عبد الرحمن أحمد البكري - الصفحة ٣٧٤
قدامة بن مضعون (1)... على البحرين
(1) قدامة بن مضعون بن حبيب المتوفى (سنة 36 ه) كان من السابقين الأولين واستعمله عمر بن الخطاب على البحرين. قال ابن حجر العسقلاني:
استعمل عمر قدامه على البحرين، في خلافته وله معه قصة، قال البخاري:
حدثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب عن الزهري، أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة وكان من أكابر بني عدي وكان أبوه شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم. إن عمر استعمل قدامة بن مضعون على البحرين، وكان شهد بدرا وهو خال عبيد الله بن عمرو وحفصة كذا اختصره البخاري لكنه موقوف وقد أخرجه عبد الرزاق بطوله قال:
أنبأنا معمر عن ابن شهاب، أخبرني عبد الله بن عامر بن ربيعة:
أن عمر استعمل قدامة بن مضعون على البحرين، وهو خال حفصة وعبد الله ابني عمر فقدم الجارود سيد عبد القيس على عمر من البحرين فقال: يا أمير المؤمنين:
إن قدامة شرب فسكر، وإني رأيت حدا من حدود الله حقا علي أن ارفعه إليك.
قال من يشهد معك؟ قال أبو هريرة:
فدعا أبا هريرة فقال: بم تشهد؟ قال: لم أره شرب الخمر، ولكني رأيته سكران يقيء فقال: لقد تنطعت في الشهادة، ثم كتب إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين فقدم، فقال الجارود: أقم على هذا كتاب الله.
فقال عمر: أخصم أنت أم شهيد؟
فقال: شهيد.
فقال: قد أديت شهادتك. قال:
فصمت الجارود ثم غدا على عمر فقال:
أقم على هذا حدا الله.
فقال عمر: ما أراك إلا خصما، وما شهد معك إلا رجل واحد.
فقال الجارود: أنشدك الله.
فقال عمر: لتمسكن لسانك أو لأسوانك.
فقال الجارود: ما ذاك بالحق أن يشرب ابن عمك الخمر وتسوؤني.
فقال أبو هريرة: يا أمير المؤمنين إن كنت تشك في شهادتنا، فأرسل إلى ابنة الوليد فاسألها - وهي امرأة قدامة - فأرسل عمر إلى هند بنت الوليد ينشدها فأقامت الشهادة على زوجها.
فقال عمر لقدامة:
إني حادك. فقال قدامة:
لو شربت كما تقول ما كان لكم أن تحدوني.
فقال عمر: لم؟
قال قدامة: قال الله عزوجل: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا...) الآية.
فقال عمر: أخطأت التأويل أنت إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله.
ثم أقبل عمر على الناس فقال:
ما ترون في جلد قدامة؟
فقالوا: لا نرى أن تجلده ما دام مريضا، فسكت على ذلك أياما، ثم أصبح وقد عزم على جلده فقال: ما ترون في جلد قدامة؟
فقالوا: لا نرى أن تجلده ما دام وجعا.
فقال عمر:
لان يلقى الله تحت السياط أحب إلي من أن ألقاء وهو في عنقي. إئتوني بسوط تام فأمر به فجلد فغاضب عمر قدامة وهجره...
أخرج ابن شبة عن منذر بن الأشرس: أن عمر (رض) لما ضربقدامة بن مظعون وغشي عليه في خمسة وستين، قال عمر (رض): لو مات لجلدته بقيتها على قبره.
تاريخ المدينة المنورة: 3 / 844.
الإصابة في تمييز الصحابة: 3 / 228 و 229، الاستيعاب: 1278 و 2179.
قال ابن حجر: وقال عبد الرزاق، عن ابن جريج عن أيوب: لم يحد أحد من أهل بدر في الخمر إلا قدامة بن مظعون يعني بعد النبي صلى الله عليه وسلم يقال: ان قدامة مات سنة 36 في خلافة علي وهو ابن ثمان وخمسين سنة. الإصابة في تمييز الصحابة:
3 / 229، وترجمه ابن عبد البر في الاستيعاب 1278 وقال:
توفي سنة ست وثلاثين، وهو ابن ثمان وستين سنة.