المضروب أنه لا يبصر شيئا وأنه لا يشم الرائحة وأنه قد ذهب لسانه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن صدق فله ثلاث ديات، فقيل: يا أمير المؤمنين فكيف يعلم أنه صادق؟ فقال: أما ما ادعاه أنه لا يشم رائحة فإنه يدنى له الحراق فإن كان كما يقول وإلا نحى رأسه ودمعت عينه، وأما ما ادعاه في عينيه فإنه يقابل بعينيه عين الشمس فإن كان كاذبا لم يتمالك حتى يغمض عينيه وإن كان صادقا بقيتا مفتوحتين، وأما ما ادعاه في لسانه فإنه يضرب على لسانه بالأبرة فإن خرج الدم أحمر فقد كذب وإن خرج أسود فقد صدق " بل عن الشيخ وسلار العمل بها هنا، بل عن الأول منهما دعوى الاجماع عليه، ولكن زاد الاستظهار بالأيمان، وذكر أنه لا يمكن إقامة البينة عليه، ونسب الحكم بشهادة رجلين أو رجل وامرأة إلى الشافعي، بل عن المختلف نفي البأس عن العمل به إن أفاد الحاكم ظنا، إلا أن ذلك كله لا يكفي جابرا للخبر الضعيف بعد إعراض الأكثر الموهن للاجماع المزبور، كما أنه لا حاصل لما سمعته من المختلف، ضرورة عدم حجية كل ظن حاصل للحاكم كما هو واضح، فلا ريب في أن المتجه ما سمعته من المشهور، نعم لا بأس باعتبار الشق الأول من الخبر المزبور امتحانا مع الأيمان لزيادة الاستظهار، والله العالم.
ولو زال الضوء وحكم العارفون بعوده إلى مدة معلومة فقلع آخر عينه قبل مضي المدة فإن اتفق المجني عليه والجانيان على أن الضوء لم يكن قد عاد فقد عرفت سابقا أن على الأول الدية للأصل وعلى الثاني دية العين الفاقدة للضوء، وهي ثلث الدية الصحيحة، ويحتمل أن لا يكون على الأول إلا حكومة، ويكون على الثاني دية العين الصحيحة أو الحكومة لحكم العارفين بعود الضوء كما أشرنا إليه سابقا، وإن اتفقوا على عوده فعلى الثاني الدية وعلى الأول حكومة، وإن اختلفوا فادعى الأول عود البصر لأن لا يكون عليه إلا الحكومة وأنكر الثاني لأن لا يكون عليه إلا ثلث دية الصحيحة فإن صدق المجني عليه الأول