فلما وصل كتاب ياقوت بطلب المهلة أجابه أنه لا سبيل إلى المهلة وسير العساكر من الأهواز إليه فأرسل ياقوت الجواسيس ليأتوه بالأخبار فظفر البريدي بجاسوس فأعطاه مالا على أن يعود إلى ياقوت ويخبره أن البريدي وأصحابه قد وافوا عسكر مكرم ونزلوا في الدور متفرقين مطمئنين فمضى الجاسوس وأخبر ياقوتا بذلك فأحضر مؤنسا وقال قد ظفرنا بعدونا وكافر نعمتنا وأخبره بما قال الجاسوس وقال نسير من تستر العتمة ونصبح عسكر مكرم وهم غارون فنكبسهم في الدور فإن وقع البريدي فالله مشكور وإن هرب اتبعناه.
فقال مؤنس: ما أحسن هذا إن صح وان كان الجاسوس صادقا فقال ياقوت إنه يحبني ويتولاني وهو صادق فسار ياقوت فوصل إلى عسكر مكرم طلوع الشمس فلم ير للعسكر اثرا فعبر البلد إلى نهر جارود وخيم هناك وبقي يومه ولا يرى لعسكر البريدي اثرا فقال له مؤنس إن الجاسوس كذبنا وأنت تسمع كلام الكاذبين وإنني خائف عليك.
فلما كان بعد العصر أقبلت عساكر البريدي فنزلوا على فرسخ من ياقوت وحجز بينهم الليل وأصبحوا الغد فكانت بينه مناوشة واتعدوا للحرب الغد.
وكان البريدي قد سير عسكرا من طريق أخرى ليصيروا وراء ياقوت من حيث لا يشعر فيكون كمينا يظهر عند القتال فهم ينتظرونه فلما كان الموعد باكروا القتال فاقتتلوا من بكرة إلى الظهر وكان عسكر البريدي قد أشرف على الهزيمة مع كثرتهم وكان مقدمهم أبا جعفر الحمال فلما جاء الظهر ظهر الكمين من وراء عسكر ياقوت فرد إليهم مؤنسا في ثلاثمائة