فان فعلت وإلا فسر بنا إلى الأهواز لنطرد البريدي عنها وأن أكثر منا فأنت أمير وهو كاتب.
فقال لا تقل في أبي عبد الله هذا فلو كان لي أخ ما زال على محبته.
ثم إن ياقوتا ظهر منه ما يدل على ضعفه وعجزه عن البريدي فضعفت نفوس أصحابه وصار كل ليلة يمضي منهم طائفة إلى البريدي فإذا قيل لياقوت يقول إلى كاتبي يمضون فلم يزل كذلك حتى بقي في ثمانمائة رجل.
ثم إن الراضي قبض على المظفر بن ياقوت في جمادى الأولى وسجنه أسبوعا ثم أطلقه وسيره إلى أبيه فلما اجتمع به بتستر أشار عليه بالمسير إلى بغداد فأن دخلها فقد حصل له ما يريد وإلا سار إلى الموصل وديار ربيعة فاستولى عليها فلم يسمع منه ففارقه ولده إلى البريدي فأكرمه وجعل موكلين يحفظونه.
ثم إن البريدي خاف من عنده من أصحاب ياقوت أن يعاودوا الميل والعصبية له وينادوا بشعاره فيهلك فأرسل إلى ياقوت يقول له ان كتاب الخليفة ورد علي يأمرني أن لا أتركك تقيم بهذه البلاد وما يمكنني مخالفة السلطان وقد أمرني أن أخيرك إما أن تمضي إلى حضرته في خمسة عشر غلاما وإما إلى بلاد الجبل ليوليك بعض الاعمال فإن خرجت طائعا وإلا أخرجتك قهرا.
فلما وصلت الرسالة إلى ياقوت تحير في أمره واستشار مؤنسا غلامه فقال قد نهيتك عن البريدي وما سمعت وما بقي للرأي وجه فكتب ياقوت يستمهله شهرا ليتأهب وعلم حينئذ خبث البريدي حيث لا ينفعه علمه،