يكون ثمنا لمبيع أو أجرة قليلا كان أو كثيرا واستدل على ذلك باجماع الفرقة وأخبارهم، قال: " مسألة يجوز أن تكون منافع الحر مثل تعليم قرآن أو شعر مباح أو بناء أو خياطة أو غير ذلك مما له أجرة صداقا "، واستثنى أصحابنا من جملة ذلك الإجارة، وقالوا: لا يجوز، لأنه كان يختص موسى عليه السلام، وبه قال الشافعي ولم يستثن الإجارة، بل أجازها، ثم حكى عن أبي حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز أن تكون منافع الحر صداقا بحال سواء كانت حجا أو غيره - ثم قال -: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا روى سهل الساعدي " (1) وساق الحديث السابق.
وليس في شئ من كلامه في كتبه الثلاثة الإشارة إلى الفرق بما عرفت، ولا يبعد أن يكون مراده باستثناء الإجارة بقرينة ذكر قضية موسى عليه السلام جعل الصداق الإجارة نفسها على وجه يكون البضع أجرة كما كانت الإجارة مهرا، على معنى تزويج المرأة نفسها بإجارة نفسه لها شهرا أو على عمل بحيث، يكون الصداق عقد الإجارة، أو يذكر العمل فيه على إرادة عقد الإجارة ويجعل البضع نفسه أجرة لذلك، كقول شعيب عليه السلام لموسى عليه السلام (2): " على أن تأجرني ثماني حجج " ولا ريب في عدم صحة ذلك، ضرورة عدم صلاحية البضع لأن يكون أجرة ولا ثمنا لمبيع ولا عوضا في جميع المعاوضات، مضافا إلى ما تسمعه من خبر حمادة (3) وظاهر الآية مع فرض إرادته مختص بموسى عليه السلام، كما أنه اختص به جعل الإجارة التي منفعتها لشعيب عليه السلام مهرا كما أومي إليه في خبر السكوني (4) الذي رواه المشائخ الثلاثة قال: " لا يحل النكاح اليوم في الاسلام بإجارة، بأن تقول: أعمل عندك كذا وكذا سنة على أن تزوجني ابنتك أو أختك، قال: هو حرام، لأنه ثمن رقبتها، وهي أحق بمهرها ".