إذ لم يرد دليل معتبر على كون أقصاه أقل من السنة، فاستصحاب حكمه وحكم الفراش أنسب وإن كان خلاف الغالب، وقد وقع في زماننا ما يدل عليه، مع أنه يمكن تنزيل تلك الأخبار على الغالب، كما يشعر به قوله عليه السلام (1): " إنما الحمل تسعة أشهر " ثم أمر بالاحتياط نظرا إلى النادر، ولكن مراعاة النادر أولى من الحكم بنفي النسب عن أهله، بل يترتب ما هو أعظم من ذلك على المرأة مع قيام الاحتمال وتبعه على ذلك سبطه وبعض أتباعه.
ولا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرنا، ضرورة أنه لو كان قدح في سند نصوص المشهور أو دلالتها فهو مجبور بما سمعت من الشهرة، بل الاجماع الذي لا يعارضه المحكي من إجماع المرتضى المحتمل ما عرفت، وأنه على النفي عن الأزيد لا أنه الأقصى ردا على العامة، كما أفصح عنه الخبر (2) السابق، والحمل على الغالب - مع ما فيه من ظهور قوله عليه السلام: " لو زاد ساعة لقتل أمه " في نفيه، ضرورة عدم كون الغالب منحصرا في التسعة الحقيقة التي لا تزداد ساعة - ليس بأولى مما ذكرناه الذي منه يعلم أولوية الاستدلال بالصحيح (3) والخبر (4) على المطلوب من الاستدلال بهما على السنة، بل يمكن دعوى صراحتهما في نفي ذلك وأن الثلاثة أشهر للعدة تعبد، أو لنفي الريبة، أو لنحو ذلك، بل يمكن إرادة العزم على طلاقها فادعت الحمل من قوله عليه السلام: " طلقها " فأخر ذلك حتى علم حالها، فطلقها حينئذ واعتدت بثلاثة أشهر تعبدا، كما في غيرها من العدد المشروعة للتعبد وللاحتياط في تعميم ذلك مراعاة للفروج وللأسرار التي لا يحيط بها إلا من شرع ذلك، فمن الغريب الاستدلال بهما على السنة.
نعم في خبر سلمة بن الخطاب (5) بسنده عن علي صلوات الله وسلامه عليه