ومن ذلك يعلم ما في كلام بعضهم من تحرير محل النزاع جعل ذلك مهرا لها أو لوليها، حتى أنه جعل المشهور الجواز، وربما تسمع لذلك تتمة إنشاء الله، كما أن منه يعلم ما في تأويل ما في المتن ونحوه في تحرير النزاع من التعبير بإجارة الزوج نفسه بأن المراد جعل العمل الذي يكون موردا للإجارة، لا أن المراد الإجارة نفسها، بل منه يعلم أيضا أنه لا وجه للاستدلال للشيخ بالخبر المذكور أولا وإن كان فيه ذكر قصة موسى عليه السلام والتعليل بما عرفت الذي لا يمنع من أن يكون المنع فيه لعلة أخرى، وهي ما سمعت، بل الأولى الاستدلال بما دل على عدم جواز جعل الإجارة مهرا كخبر السكوني.
وربما احتمل في كلام الشيخ أن محل نزاعه في خصوص العمل مدة، لكنه كما ترى، وكذا احتمال كون نزاعه جعل العمل للغير مهرا نحو ما وقع من موسى عليه السلام، فإن كلامه الذي سمعته صريح في خلاف ذلك، ولعل التدبر في كلامه في كتبه الثلاثة يقتضي ما قلناه، بل ظاهره في الخلاف أن ذلك أمر معروف عند الأصحاب وعدم كون ذلك من خواصه، ولذا نسبه إلى استثناء الأصحاب ثم حكى عن أبي حنيفة ما سمعت المبني على عدم مالية منافع الحر، ولذا لا تضمن بالفوات، فلا تصح أن تجعل مهرا نعم لو قوبلت بمال كما في الإجارة، وهو كالاجتهاد في مقالة النص، بل هو منه، على أنه لا فرق في ماليتها في المعاوضات بين المقابلة بمال وعدمه، ولذا جازا استئجار الشخص الحر على عمل بعمل آخر من المستأجر كما هو واضح.
وعلى كل حال فقد عرفت أن المدار في المهر على المالية التي تصح أن تكون عوضا من غير فرق بين العين والعروض والمنافع والأعمال ونحوها، بل الظاهر جواز جعل المهر حقا ماليا كحق التحجير ونحوه مما يصح المعاوضة عليه.
أما الحقوق التي يصح المعاوضة عن اسقاطها كحق الدعوى واليمين والخيار والشفعة ونحوها ففي صحة جعلها مهرا وجهان ينشئان من عموم قوله عليه السلام (1) " ما تراضيا عليه " وأولوية المهر من غيره من المعاوضات، باعتبار كونه ليس عوضا صرفا ومن إطلاق الفتاوى اعتبار كونه مملوكا على وجه ينتقل إلى الزوجة، ويقبل التنصيف