بعد الحلف تمام الدرهم لا النصف، وما فيها والدروس أيضا بوجوب الخروج عن مقتضى القاعدة، وتخصيصها بالخبرين المعتضدين بالفتوى، بل ذلك كله كالاجتهاد في مقابلة النص والفتوى الظاهرين في عدم اليمين أصلا، والصريحين أو كالصريحين خصوصا الخبرين منهما في فرض موضوع المسألة في الإشاعة، بل ظاهرهما أن ذلك على وفق الضوابط العامة، لا أنه تعبد صرف.
ومن هنا أمكن أن يقال: بأن الوجه في عدم اليمين من أحدهما أنه بعد تساويهما في اليد المقتضية لملك كل منهما الكل، المنافي لقاعدة عدم ملك المال المتحد للمالكين، التي لا يختص الخروج عن التعارض فيها بالنصف الذي هو خلاف مقتضاها، لامكان الحكم بكونه لواحد منهما، ويستخرج بالقرعة أو بغير ذلك، فاليد حينئذ بعد أن كانت كذلك لا تصير أحدهما منكرا عليه اليمين، بل هما بعد أن تساويا من هذه الجهة صارا بحكم من لا يد لأحدهما، والمتجه فيه قسمة المال بينهما نصفين قطعا للدعوى، فهو كالصلح القهري بينهما بذلك، لا أن النصف مقتضى يد أحدهما حتى يكون منكرا بالنسبة إلى دعوى الآخر عليه، وكذا العكس فيكونان كالمدعي من وجه والمنكر من آخر، فيتحالفان. ضرورة ثبوت الحكم المزبور في غير ذوي الأيدي كما تسمعه في الوديعة، وفي التداعي في المال المطروح ونحوهما، واليد إنما قضت بالجميع.
ومعارضتها بالأخرى لا تقتضي تنزيلها على النصف الذي هو خلاف مقتضاها، وحينئذ فليس النصف المحكوم به في النص والفتوى إلا لقطع الخصومة بينهما بذلك بالعدل والانصاف، لعدم تحقق الدعوى من أحدهما والانكار من آخر، لكون المفروض تساويهما من كل وجه، ففي الحقيقة ليس إلا دعوى واحدة، وهي ملكية الدرهم، إلا أن أحدهما يدعي أنها له، والآخر كذلك، ولا ترجيح لأحدهما، بعد معارضة يد كل منهما للأخرى، الموجب للتساقط نحو البينتين المتعارضتين من كل وجه، فيقسم المال بينهما على احتماله فيهما بحسب دعواهما، فإن كانا اثنين فالنصف، وإن كانوا ثلاثة فالثلث، وهكذا قطعا للخصومة بينهما بالعدل والانصاف، فهو