رضا المدعي باطنا بالصلح عن جميع ماله في الواقع بذلك وإن كان مبطلا لم يحل له ما دفعه إليه المنكر، رفعا لدعواه الكاذبة وللضرر عن نفسه ونحو ذلك مما لا يتحقق معه التراضي المبيح لأكل مال الغير إلا مع فرض الرضا المزبور، وإنما الحكم بالصحة بحسب ظاهر الشرع، لاشتباه المحق من المبطل، قال علي بن أبي حمزة (1) " قلت لأبي الحسن عليه السلام: رجل يهودي أو نصراني كان له عندي أربعة آلاف درهم، فهلك، أيجوز لي أن أصالح ورثته ولا أعلمهم كم كان؟ فقال: لا يجوز حتى تخبرهم " وفي صحيح عمر بن يزيد (2) عن أبي عبد الله عليه السلام " إذا كان للرجل على الرجل دين فمطله حتى مات، ثم صالح ورثته على شئ، فالذي أخذه الورثة لهم، وما بقي فهو للميت يستوفيه منه في الآخرة، فإن لم يصالحهم على شئ حتى مات ولم يقض عنه فهو كله للميت يأخذه به ".
نعم في المسالك " لو كان الدعوى مستندة إلى قرينة تجوزها، كما لو وجد المدعى بخط مورثه أن له حقا على أحد أو يشهد له من لا يثبت بشهادته الحق، ولم يكن المدعى عالما بالحال، وتوجهت له اليمين على المنكر فصالحه على إسقاطها بمال أو على قطع المنازعة فالمتجه صحة الصلح في نفس الأمر، لأن اليمين حق يصح الصلح على اسقاطها، ومثله ما لو توجهت الدعوى بالتهمة، حيث يتوجه اليمين على المنكر ولا يمكن ردها ".
لكن في جامع المقاصد في مفروض المسألة " ليس بعيدا من الصواب صحته ظاهرا وما في نفس الأمر تابع لصحة الدعوى وعدمها، ويحتمل الصحة مطلقا، لأن اليمين حق فيصح الصلح لاسقاطها ".
قلت: قد يناقش في الصحة ظاهرا في الأول بأنها غير متصورة بعد القطع بكون أحدهما مبطلا سواء كان المدعي أو المنكر، والفرض كفايته في الفساد في نفس الأمر فكيف يجامع الحكم بالصحة في ظاهر الشرع، اللهم إلا أن يدعى أن مبنى شرعية