والله مالك على الله حجة، ولا لك أن يأجرك ولا يخلف عليك وقد بلغك أنه يشرب الخمر فائتمنته (إلى أن قال): فإن الله عز وجل في كتابه يقول " وتؤتوا السفهاء أموالكم، فأي سفيه أسفه من شارب الخمر، إن شارب الخمر لا يزوج ولا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها لم يكن للذي ائتمنه على الهل عز وجل أن يأجره ".
وفيه أن الأصل مقطوع بأدلة الضمان كعموم من أتلف ونحوه، والايداع من مكلف بعد أن لم يكن فيه إذنا بالاتلاف ليس تفريطا ليسقط معه حرمة المال، ويخرج به عن عمومات الضمان، ودعوى قوة السبب على المباشرة واضحة المنع، كوضوح عدم دلالة الخبر المزبور الذي لا جابر له.
مضافا إلى اشتماله على مخالفه إسماعيل لوالده، والمعلوم من ورعه خلافه، وإلى نهيه عن الدعاء الذي لا اشكال في جوازه له، فظهر حينئذ قوة القول بالضمان وفاقا للتذكرة، وجامع المقاصد والمسالك، والروضة، ومجمع البرهان على ما حكى عن بعضها، إذ هو حينئذ كالغصب الذي لم أجد خلافا في ضمانه، بل هو منه ضرورة كون السفيه بالغا عاقلا، بل لعله أفحش منه.
نعم لو كانت الوديعة مثلا من مجنون أو طفل غير مميز اتجه حينئذ عدم الضمان بالاتلاف مباشرة، فضلا عنه بالتفريط، كما عن التذكرة والتحرير، للأصل بعد الشك في تناول عمومات الضمان له، باعتبار قوة السبب على المباشر الذي هو كالحيوان، فما عن بعضهم من الضمان مطلقا ضعيف.
بل وما في المسالك من الفرق بين المباشرة والتفريط، لأن الضمان بالثاني فرع وجوب الحفظ المعلوم انتفاؤه عنها، بخلاف الأول المبني على سببيه الاتلاف للضمان، وهي لا فرق فيها بين التكليف وعدمه، ولذا ضمنا لو أتلفه بلا إذن من المالك في أصل الاستيلاء بلا خلاف ولا إشكال لما قد عرفت من قوة السبب على مثل هذا المباشر وأنه كما لو أهمل ماله حتى أتلفته دأبه الغير.
أما إذا كان الصبي مميزا فقد يقوى ضمانه بالمباشرة، بل وبالتفريط بناء على أنه لا يقصر عنها، لمنع قوة السبب هنا على المباشرة بعد استمرار السيرة على الاعتماد