وأما احتمال كون المراد " من بعد " فيها الكناية عن ملك الزائد على الوصية والدين، فهو مع أنه لا يساعد عليه اللفظ كمال المساعدة غير مجد للخصم، ضرورة كون أقصاه بيان حكم الزائد لا غيره، واشعار التقييد حينئذ بعدم ملكه لغيره يدفعه احتمال كون ثمرة التقييد حينئذ بيان أنه الملك المجدي للوارث النافع له، بخلاف غيره الذي يزول عنه بأدائه للوصية والدين. بل لعل ذلك أولى من الأول الذي لا قرينة على تعيينه.
ومما ذكرنا يظهر لك النظر في الاستدلال بصحيح عباد (1) المعلوم عدم سوقه لبيان ذلك، وأنه لا معنى لإرادة نفي الملك منه بعد الاجماع المزبور، وتخصيصه بمقابل الوصية والدين مناف لظاهره إذ لا يرجع لفظ حتى فيه إلى معنى محصل، ضرورة أنه يكون معناه ليس لهم ذلك حتى يؤدوه وحمله على خصوص التأدية من غير التركة ما ترى فلا بد من حمله حينئذ على جواز التصرف أو استقرار الملك أو غير ذلك، وكذا صحيح سليمان (2).
وأما السيرة فقد يمنع تحققها على وجه يجدي، ولو سلم فهي أعم من الكون على حكم ملك الميت، إذ يمكن كونه ملك الوارث، ومع ذلك يجب دفعه في الدين لها كالأصل، كما هو واضح.
وأما أدلة القول الثاني ففي أولها أنه لا مانع عقلا ولا شرعا في بقاء المال على حكم ملك الميت، بل لا بد من التزامه في مثل الوصية بالثلث للعبادة ونحوها، والتزامه فيمن لم يكن له وارث إلا مملوك يشتري فيعتق حتى يرث، والتزام كونه للورثة في الأول ويجب عليهم تأديته في تلك المصارف كما في جامع المقاصد لا داعي له، ولا دليل عليه، مع أنه لا يتم في مثل الثاني، ودعوى الاجماع على عدم بقاء المال بلا مالك بحيث لا يكفي هذا الحكم من الملك واضحة المنع.
وما أبعد ما بين ذلك وبين القول بأنه يملك جديدا حقيقة كما عن ثاني الشهيدين