مراد ابن الجنيد بالضمان المزبور كون البايع قادرا عليه، إذ كون الآبق بحيث يضمنه البايع يستلزم قدرته عليه لأن ما يتعذر تسليمه يمتنع ضمانه، وليس المراد به اشتراط ضمانه في البيع ولا الحكم على البايع بالضمان كما يوهمه ظاهر التحرير وإلا لزم أن يكون مذهب ابن الجنيد جواز بيع الآبق منفردا وإن لم يكن مقدورا، وهذا خلاف الاجماع، ثم حكي عن التذكرة أن المشهور بين علمائنا أنه لا يصح بيع الآبق وإن عرف مكانه، وقال بعض علمائنا: بالجواز وقال: هذا محمول على الجواز حيث يتحقق الشرط، ويدل عليه تصريحه بالاجماع على اشتراط القدرة على التسليم في صحة البيع قبل ذكره الخلاف، والظاهر أن هذا البعض الذي نسب إليه القول بالجواز هو ابن الجنيد، فيجب تنزيل ما حكاه عنه على ما عرفته من المحكي عنه سابقا ليتوافق النقلان، ولا يخفى عليك ما فيه.
وعلى كل حال فالظاهر أن الإباق من حيث كونه إباقا لا يمنع البيع لما عرفت من جوازه إذا كان في يد المشتري أو قادرا عليه أو كان البايع قادرا عليه، فإن الظاهر الصحة وإن تحقق الإباق لاطلاق الأدلة السالم عن معارضة ما عدا إطلاق المنع من بيع الآبق المحمول على غير ذلك، قال في محكي نهاية الإحكام: ولو عرف مكان الآبق وعلم أنه يصل إليه إذا رام الوصول إليه، فليس له حكم الآبق، وفي المسالك وإنما يمتنع بيع الآبق مع تعذر تسليمه، فلو أمكن صح، وإن سمي آبقا إلى غير ذلك من عباراتهم، بل قيل في مصابيح العلامة الطباطبائي ظاهرهم أنه لا خلاف في ذلك، وهو كذلك لاتفاق أصحابنا على أن القدرة على التسليم شرط في صحة البيع، وأن المنع من بيع الآبق لتعذر تسليمه، كما ينبه عليه استدلالهم به على المنع وتفريع المنع عليه وجعله من توابع هذا الشرط، ومعلوم أن مجرد الإباق لا يقتضي تعذر