ينفذوا بعدها إلى أهدافهم المشؤومة عن غير الطرق التي قد يحس الانسان غرابتها فينكر عليهم أقوالهم وأفعالهم، أو يفلت منها مرة واحدة بعد أن يطلع على أهدافهم الآثمة، بل غالبا ما يتسللون كما يتسلل الميكروب عن طريق الطعام المستساغ أو الشراب الطهور، ليستحيل دما يهاجم الجسد والروح دفعة واحدة، وهذا يقتضى حنكة وكياسة يأنسها الناس، ومن هنا مزجوها بأقدس المعتقدات، وليس أقرب ولا أسلم للوصول إلى ذلك من الدين والمعتقدات الروحية، إذ من المحال أن تقوم نهضة دينية إصلاحية إلا على أساس من العقل الصحيح، والعلم النافع، أولا وقبل كل شئ، إذ أن الدين بلا ريب هو دواء كل داء يمكن أن يصيب المسلمين على أن يسلك به طريقا صحيحا وبأسلوب علمي مستدل بالمنطق متساوق مع قانون العقل وطرق التحقيق. وبهذا وحده يمكن أن يؤمن الفلاح والصلاح.
فقد سجلوا مثلا أحاديث أبي هريرة وكل من لف لفه، وسجلوا جميع الأحاديث أيا كان راويها مستهدفين من وراء ذلك أغراضا يقصدونها، لان مثل هذه الأحاديث والآثار سواء منها تلك التي احتسبت من الإسرائيليات التي أخذت عن كعب الأحبار ووهب بن منبه وأضرابهم من اليهود المخربين أو ناشري آثار اليهود، تلك التي لا يقرها عقل حصيف أو منطق سليم، بله ما أثبته العلم والتجربة من بطلان أغلبها، صراحة غير مؤيدة إلا من الأيدي الملوثة الحاقدة، وليس لها من نتيجة سوى وضع سلاح بتار قاطع لمعتقداتنا بعد أن أخذوها من أيدينا نحن ليلطخوا بها ديننا الاسلامي المقدس الذي احتوى أسمى التعاليم البشرية، وأروع المثل العليا وأبقى الشرائع القانونية خلودا لبني الانسان، فيبدو بعدها لنا ولأعدائنا ضحلا تافها ولتمتد بعدها ألسنة الفحاشين والمشتغلين بالقذف والسباب، أبعدنا الله عن هاوية الجهل والضلال، وهدانا إلى الصراط المستقيم.