سبنا وشتمنا، وتمادوا في قذفنا بمنكر القول وزوره، ولم يشبع ذلك نهم حقدهم وبغضهم بل تمادوا فطعنونا في ديننا، واتهمونا في إيماننا وجاء شيخ منهم يسمى محمد أبو زهرة فوصف إيماننا بأنه (إيمان على حرف) ولا نعيد الكلام في بيان ما وقع علينا من أحد مجرميهم بين جدران الأزهر بعد أن فصلناه في مقدمة الطبعة الثانية من كتابنا الأضواء.
وعلى رغم كل ما أصابنا فقد آثرنا أن ندفع مع هؤلاء القوم بالتي هي أحسن، وقلنا عفا الله عما سلف، وآية ذلك أننا عندما أردنا أن نخرج الطبعة الثالثة من كتاب الأضواء حذفنا كل ما كتبناه عما وقع علينا (1) وخرج الكتاب خالصا للعلم وحده، وظننا أن القوم كرام فيقدرون صنيعنا، ويحمدون لنا موقفنا، ولكن وا أسفا خاب ظننا وغلبت عليهم شنشنتهم، وما لبثوا أن قابلونا أخيرا (بكتيب) رمونا فيه بالفسق وغير الفسق حتى صدق فيهم قول الشاعر:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته * وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا من أجل ذلك لم نجد أسلوبا يليق بمخاطبة هؤلاء القوم غير هذا الأسلوب، ولا تعبيرا يصلح للرد عليهم سوى هذا التعبير، ورحم الله المتنبي حيث يقول:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا * مضر كوضع السيف في موضع الندى ومن قول شاعر آخر: وحلم الفتى في غير موضعه جهل!
على أن كلامنا وإن كان قد بدا في هذا الأسلوب فإنا قد تجنبنا مجاراة من انتقدونا في سفههم، وربأنا بأنفسنا عن أن نهبط إلى الدرك الذي هووا إليه، وارتضوه لأنفسهم، حتى لا يوجد في كل كلامنا لفظة قذرة، أو تعبير بذئ من جنس ما قالوا.
ولقد كان من حقنا أن نرد عليهم بمثل قولهم، ولكن عصمنا من ذلك قيد ثقيل من أخلاقنا وديننا.
ولو أنهم كانوا ذوي أخلاق كريمة ونفوس مهذبة بحيث يجدى معهم دفع سيئاتهم