أولياؤه، وأن تدع الامر في مثل هذا الحديث إلى العلم وتجاربه، وما وصلت إليه أبحاثه الدقيقة التي لا يمكن نقضها، ولا يرد حكمها.
وماذا يضر الدين إذا أثبت العلم ما يخالف حديثا من الأحاديث التي جاءت من طريق الآحاد، وبخاصة إذا كان هذا الحديث في أمر من أمور الدنيا التي ترك النبي صلى الله عليه وآله أمرها إلى علم الناس.
وهل أوجب علينا الدين أن نأخذ بكل حديث حملته كتب السنة أخذ تسليم وإذعان! وفرض علينا أن نصدقها، ونعتقد بها اعتقادا جازما؟ إن الذي يجب التصديق به واعتقاده، إنما هو الخبر (المتواتر) فحسب، وليس عندنا كتاب يجب اعتقاد كل ما جاء فيه اعتقادا جازما يبعث اليقين إلى القلب، غير القرآن الكريم، لأنه هو الذي جاء من طريق (التواتر) أما الاخبار التي جاءت من طريق (الآحاد) فإنها لا تعطى اليقين، وإنما تعطى الظن الذي لا يغنى من الحق شيئا - فللمسلم أن يأخذ بها ويصدقها إذا اطمأن قلبه بها، وله أن يدعها إذا حاك في صدره شئ منها، وهذا أمر معروف عند النظار، ولا يعارض فيه إلا زوامل الاسفار من الحشوية الجامدين الذين لا يقام لهم وزن.
وإذا نحن أخذنا حديث (الذباب) على إطلاقه ولم نسلط عليه أشعة النقد فإنا نجده من أحاديث (الآحاد) وهي التي تفيد الظن فإذا لم يسعنا ذلك في رده بعد أن أثبت العلم بطلانه، فليسعنا ما وصفه العلماء من قواعد عامة في ذلك، مثل: ليس كل ما صح سنده يكون متنه صحيحا، ولا كل ما لم يصح سنده يكون متنه غير صحيح (1).
وإذا قيل إن هذا الحديث قد رواه البخاري - وهو لا يروى إلا ما كان صحيحا - فإنا نرد على ذلك بأنه قد روى في كتابه ما عده هو صحيحا عملا بظاهر الاسناد، لا ما ثبت أنه صحيح في الواقع - ولذلك لا يلزم غيره ما اعتبره - هو لنفسه.
قال الزين العراقي في شرح ألفيته: وحيث قال أهل الحديث: هذا حديث