ومن أخطر أعماله التي كان لها أثر بعيد وأليم على المسلمين جميعا وسيبقى هذا الأثر على وجه الدهر مسجلا، أن حابى قومه بنى أمية وآل أبي معيط وآثرهم بالولايات الكبيرة " عندما استعجلوه الولاية " وهي الشام ومصر والكوفة والبصرة، وذلك لأهمية هذه الولايات وغناها، ووفرة خيراتها، وكثرة خراجها.
وكانت في ذلك العصر مصدر قوة الدولة المالية - ومن العجيب أنه لم ينقض عام واحد على ولايته حتى أخذ يعزل الولاة الذين ولاهم عمر، ليستبدل بهم ولاة من بنى أمية.
فعزل المغيرة بن شعبة عن الكوفة وولى عليها الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وهو الذي غش النبي صلى الله عليه وآله وكذب عليه ونزلت فيه الآية القرآنية " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ.. " الآية، والقصة معروفة، وهو أخو عثمان لامه، وكان على البصرة أبو موسى الأشعري فعزله عنها وولى عليها ابن خاله عبد الله بن عامر ابن كريز.
وكان على مصر عمرو بن العاص بعد ما افتتحها بمهارته وحسن تدبيره في عهد عمر، فلما جاء عثمان عزله عنها وولى عليها عبد الله بن أبي سرح أخاه من الرضاعة.
وقد كان ابن سرح هذا من الذين اشتدوا على النبي، وأسرفوا في السخر منه. وقد نزل القرآن بكفره وذمه، وقد كان يقول: سأنزل مثل ما أنزل الله الآية، ومن أجل ذلك أهدر النبي دمه. وهو أول من كتب له بمكة.
أما الشام وما حولها فقد كان معاوية على دمشق وحدها (1) فجاء عثمان وجمع الشام كله له، فلسطين وحمص، وكان على فلسطين عبد الرحمن بن علقمة،