وخلاصة القول في أمر هذه المنافرة كما ذكر المقريزي: أن هاشما كانت إليه الرفادة (1) مع السقاية وكان رجلا موسرا، وكان إذا حضر موسم الحج قام في قريش فقال: يا معشر قريس، إنكم جيران الله وأهل بيته، وإنكم يأتيكم في هذا الموسم زوار الله يعظمون حرمة بيته وهم ضيف الله وأحق الضيف بالكرامة ضيفه، وقد خصكم الله بذلك فأكرموا ضيفه وزواره وأغنوهم وأعينوهم فكانت قريش ترافد على ذلك كل على قدره، فيضمه هاشم إلى ما أخرج من ماله ويكمل العجز، وكان يخرج مالا كثيرا في كل سنة. وكان يطعم هؤلاء الضيوف ويثرد لهم الخبز واللحم والسمن والسويق والتمر ويحمل لهم الماء حتى يتفرق الناس لبلادهم. وكان هاشم هذا يسمى عمرا وإنما قيل له هاشم لهشمه الثريد بمكة، وكان أمية بن عبد شمس ذا مال فتكلف أن يفعل كما فعل هاشم من إطعام قريش فعجز عن ذلك فشمت به ناس من قريش وعابوه فغضب ونافر (2) هاشما على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة وعلى جلاء عشر سنين وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي جد عمرو بن الحمق فقال الكاهن فيما قال:
" والقمر الباهر، والكوكب الزاهر، والغمام الماطر، وما بالجو من طائر، وما اهتدى بعلم مسافر، من مخبر وغائر، لقد سبق هاشم أمية إلى المآثر، أول منه وآخر، وأبو همهمة (3) بذلك خابر.
فأخذ هاشم الإبل فنحرها، وأطعم لحمها من حضر وخرج أمية إلى الشام فأقام به عشر سنين. فكان هذا أول عداوة وقعت بين بنى هاشم وبنى أمية.
ولم يكن أمية في نفسه هناك، وإنما رفعه أبوه وبنوه، وكان مضعوفا وصاحب عهار. اه مختصرا. وثم أمور أخرى ذكرها المقريزي تزيد في العداوة والبغضاء بين هاشم وأمية يرجع إليها في كتاب التنازع والتخاصم.
قال المقريزي. ثم تمادت العداوة بين البيتين حتى قام سيد بنى هاشم أبو القاسم محمد بن عبد الله بمكة يدعو قريشا إلى توحيد الله تعالى، وترك ما كانت