وهو كناني، وكان على حمص عمير بن سعد وهو أنصاري وبهذا الملك العريض الذي يسيطر عليه معاوية يتصرف فيه كيف يشاء " أصبح أشبه بالملك منه بالوالي ".
وكان عثمان بما مكن لبني أمية من حكم هذه الولايات الأربع الكبيرة - وهي تعد بمثابة القواعد الأربع للدولة الاسلامية - إنما يصنع هذه القواعد لكي تقوم عليها أركان الدولة الأموية - وكأنه كذلك وهو يجمع أطراف الشام كلها بيد معاوية ويجعلها تحت سلطانه إنما يرمى إلى ترشيحه لان يكون ملكا لهذه الدولة، ويهيئ السبيل لكي يتولى الزعامة الأموية بعد أبيه أبى سفيان.
وإليك ما قاله في ذلك الدكتور طه حسين (1).
" وليس من شك في أن عثمان هو الذي مهد لمعاوية ما أتيح له من نقل الخلافة ذات يوم إلى آل أبي سفيان وتثبيتها في بنى أمية ".
ولما أخذ يبين أعمال عثمان في تولية بنى أمية الولايات الكبيرة قال:
والشئ الذي ليس فيه شك هو أن عثمان ولى الوليد على الكوفة بعد عزل سعد بن أبي وقاص، وولى عبد الله بن عامر على البصرة بعد أن عزل أبا موسى الأشعري، وجمع الشام كلها لمعاوية، وبسط سلطانه عليها إلى أبعد حد ممكن، بعد أن كانت الشام ولايات تشارك في إدارتها قريش وغيرها من أحياء العرب، وولى عبد الله بن سرح مصر بعد أن عزل عنها عمرو بن العاص، وكل هؤلاء الولاة من ذوي قرابة عثمان، منهم أخوه لامه ومنهم أخوه في الرضاعة ومنهم خاله، ومنهم من يجتمع معه في نسبه الأدنى إلى أمية بن عبد شمس، كل هذه حقائق لا سبيل إلى إنكارها (2).
ومن أعمال عثمان التي استنكرها المسلمون أشد استنكار ولا يستطيع أحد أن يدفع عنه فيها، أنه رد الحكم بن العاص وأهله إلى المدينة، وكان النبي قد أخرجهم منها للأسباب التي بيناها آنفا وظل الحكم منفيا عن المدينة حياة أبى بكر وعمر، وكان عثمان قد سألهما أن يعيداه فأبيا، ولم يكتف بإعادته مع أهله