مفهوم العدد تعارض الاطلاق والتقييد، ولعلك في التأمل فيما ذكرنا من الوزن تستفيد رجحان المشهور زيادة على ذلك فتأمل.
وأما (الثالث) وهو مذهب ابن الجنيد فلم نقف له على مأخذ، وما أبعد ما ذهب إليه هنا وما ذهب إليه في الوزن من أنه ألف ومائتا رطل، وما ذهب إليه أيضا من القلتين ويضعفه غاية الضعف إعراض الأصحاب عنه.
ومستند (الرابع) صحيحة إسماعيل بن جابر (1) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الماء الذي لا ينجسه شئ؟ قال: ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته " وفي المدارك أنها أصح رواية وقف عليها، ويبلغ تكسيره حينئذ إلى ستة وثلاثين شبرا، لأن المراد بالذراع القدمان كما يظهر من أخبار المواقيت (2) والقدم شبر، وهو مبني على أن المراد بالسعة كل من جهتي الطول والعرض، فيكون كل منهما ذراع وشبر فتضرب الثلاثة في الثلاثة تبلغ تسعة فتضرب في أربعة العمق فتبلغ المقدار المذكور. وفيه أن هذه الرواية قد أعرض عنها الأصحاب، قال في المنتهي بعد ذكر هذه الصحيحة:
" وتأولها الشيخ على احتمال بلوغ الأرطال، وهو حسن لأنه لم يعتبر أحد من أصحابنا هذا المقدار " انتهى وهو كذلك ويؤيد حمل الشيخ على ذلك ما نقل عن محمد أمين أنه قد اعتبرنا الكر وزنا ومساحة في المدينة المنورة فوجدنا رواية ألف ومائتا رطل مع الحمل على العراقي قريبة غاية القرب من هذه الصحيحة " انتهى وينقدح من ذلك إشكال من نسبة الوزن والمساحة بناء على المشهور يأتي التعرض له إن شاء الله. ويحتمل في الرواية أن يراد بالسعة مجموع الطول والعرض فتكون لا قائل بها. ومثله أيضا إن قرئ وشبر بالرفع أي ذراعان عمقه في ذراع طوله وشبر سعته. ويحتمل حملها على أن المراد بالسعة إنما هو العرض ويكون الطول محذوفا فيحصل من ضرب العرض في العمق اثني