به ذلك وهو الاتصال، ففي الآن الواحد الحكمي يصدق عليه كل واحد من أجزائه لاقى متنجسا. ولا نريد بالعلة العلة التامة بل المقصود أن العلة في النجاسة إنما هي ملاقاة المتنجس فهو غير موقوف إلا على حصول ملاقاة عين النجاسة ولو لجزء منه لأنه في ذلك الحين كل واحد من أجزائه لاقى متنجسا، ومثل ذلك يقرر في الطهارة بعد حصولها لجزء منه.
لا يقال إن ذلك بعينه وارد في الجامد كالدهن مثلا إذا لاقى نجاسة فإن كل جزء منه لاقى متنجسا، لأنا نقول إنه لم يقم إجماع على أن ملاقاة المتنجس تنجس في الجامد بل الاجماع على خلافه، بخلافه في المايع ومرادنا بموافقة الأصل في السابق إنما هو بعد هذا الاجماع. وفيه أنه يرجع بالأخرة إلى القول بأنه قام الاجماع على عدم السراية في الجامد دون المايع ومن هنا يتجه احتمال أن يقال إن السراية على خلاف الأصل وتنجيس المايع كله بتنجيس طرف منه لعله للصدق عليه أنه لاقى نجسا ولو لاقى بعض أجزائه، فما دل على نجاسته بمجرد الملاقاة يشمله، والقول بأنه قام الاجماع على أنه إذا لاقى متنجسا ينجس وهذا متحقق هنا يدفعه أنه إن دخلت مثل هذه الملاقاة لمثل هذا المتنجس تحت معقد الاجماع فالنجاسة فيه حينئذ من الاجماع لا من السراية، وإلا فهو مبني على مسألة السراية. فالتحقيق الرجوع إلى ما تقتضيه الأدلة الشرعية فيتبع مضمونها في الجامد والمايع والعالي والسافل وغيرهما مع تحكيم أصل الطهارة فيما لا يندرج تحتها.
(الرابعة) لا مانع عقلا من كون الماء الواحد بعضه طاهرا وبعضه نجسا سيما مع سبق الوصفين لماءين ثم اختلطا، لامتناع تداخل الأجسام فتكون الأجزاء الطاهرة في علم الله باقية على الطهارة والنجسة على النجاسة، ولو ارتمس فيه مرتمس ارتفعت جنابته باشتمال الماء الطاهر عليه وإن كان ينجس حين يخرج. بل ولا شرعا، اللهم إلا أن يدعى الاجماع.
وقد يناقش فيه بأنه لازم للقول باشتراط الامتزاج إذ أول جزء من الطاهر إذا لاقى أول جزء من النجس لا ريب في صيرورة هذين المتلاقيين ماء واحدا مع أنه لا يقول بالطهارة إلا بعد الامتزاج، فيلزمه أن يكون ما قبله بعضه طاهر وبعضه نجس، وكذلك