كونه غير مأكول اللحم، لا من حيث أنه آكل الجيف، فلا دليل على المنع، وأضعف من ذلك ما في كشف اللثام من أن كلام القاضي في المهذب يعطي نجاسة السؤرين، ونجس أبو علي سؤر الجلال، وفي الاصباح نجاسة سؤر جلال الطيور، إذ هو كما ترى لا دليل عليه بعد طهارة ذي السؤر، بل قد اعترف بعضهم بعدم الوقوف على دليل على الكراهة، فضلا عن المنع، لكن قد يقال للتسامح فيها بها في الأول من التفصي عن شبهة الخلاف، وظاهر إجماع حاشية الوسائل الذي ستسمعه مع انجباره بالمحكي من الشهرة، وما سمعت من مرسلة الوشا أنه كان يكره سؤر كل شئ لا يؤكل لحمه على فرض إرادة ما لا يؤكل لحمه ولو بالعارض، ومثله المفهوم المتقدم الذي أخذه الشيخ سندا للمنع، مضافا إلى الأمر بالغسل من عرق الإبل الجلالة، كما في خبر هشام بن سالم (1) بل قال في حاشية الوسائل مكتوبا في آخرها أنها منه: " استدل علمائنا على كراهة سؤر الجلالة بحديث هشام، ودلالته بينة، على أنهم أجمعوا على تساوي حكم العرق والسؤر هنا، بل في جميع الأفراد، والفرق إحداث قول ثالث، وأيضا فإن بدن الحيوان لا يخلو أبدا من العرق إما رطبا وإما جافا، فيتصل بالسؤر، فحكمه حكمه، وعلى كل حال فضعف الدلالة منجبر بأحاديث ما لا يؤكل لحمه " انتهى. مع إمكان التأييد بالاعتبار، سيما إذا كانت المباشرة بالأفواه لأن منشاء رطوباتها من غذاء نجس وفي الثاني من بعض ما تقدم أيضا، مع أنه نسب الحكم فيه بالكراهة إلى الأصحاب كما في الحدائق، ويمكن استفادته أيضا مما تسمعه إن شاء الله تعالى في الحائض المتهمة، بل قد يقال باستفادة كراهة كل متهم بالنجاسة منه، والفرض هنا أنه باشر الماء مثلا مع عدم اختبار فمه أو منقاره، ومثله لو اختبر لكن لم نقل بحصول الطهارة بمجرد الزوال، أو قلنا ولكن قد يبقى أجزاء من النجاسة بحيث لا تراها العين فتأمل.
ومما قدمنا سابقا من مرسلة الوشا والمفهوم يمكن الحكم بكراهة سؤر كل ما لا يؤكل