من الأرض، والشمال من الأرض فوق جنوبها، لأن ابتداء الأرض الخارج من الجنوب متصل بالبحر، فكلما يتحرك المتحرك من جنوب الأرض إلى شماله يصعد إلى أن ينتهي إلى محاذي القطب الشمالي، وإذا تحرك منه إلى الجنوب ينزل، لما قلنا من أن الأرض كروية.
فظهر بما ذكر أن الشمال فوق بالنسبة إلى الجنوب، فإذا كانت البئر في جهة الشمال مال الماء بالطبع إلى جهة الجنوب، ولا يصعد من الجنوب إلى الشمال إلا بقاسر يقسره، فلذلك اكتفينا بالخمس، بخلاف العكس، فاحتجنا إلى الزيادة.
وربما يشير إلى ما ذكرنا قول الصادق (عليه السلام) في رواية ابن يزيد المتقدمة " يجري الماء إلى القبلة إلى يمين، ويجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة، ويجري عن يسار القبلة إلى يمين القبلة، ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة " وذلك لأن قبلة الراوي قبلة العراق، وهي جهة الجنوب لهم، فلا يجري الماء من الجنوب إلى دبر القبلة أي إلى الشمال، لأنه دبر القبلة بالنسبة إلى مستقبل القبلة، وفي كشف اللثام بعد أن ذكر هذه الرواية مؤيدة للحكم بأن جهة الشمال فوق بالنسبة إلى الجنوب " الظاهر أن المراد بالقبلة قبلة بلد الإمام ونحوه من البلاد الشمالية. ويعضده الاعتبار، لكون معظم المعمورة في الشمال، وانغمار الجنوبي من الأرض في الماء حتى لم ير العمرة في الجنوبي من قبل بطموس " انتهى. ولا منافاة فيه لما ذكرنا، لا يقال أنه لا معنى لجميع ما ذكرتم، لكون البئر والبالوعة معا في البلاد الشمالية، فأي معنى لكون البئر في مهب الشمال دون البالوعة والعكس، لأنا نقول المراد به إنما هو القرب إلى ناحية الشمال وعدمه، فتأمل.
نعم قد يشكل المقام بأنه مع حصول الفوقيتين أي الجهة والقرار لا معنى للاقتصار على السبع الحاصل لأحدهما لو كان، لأنه يزداد مظنة وصول ماء البالوعة إلى البئر، وكذلك لا معنى للخمس مع الفوقيتين في البئر، فإنه يبعد مظنة وصول ماء البالوعة إليها، ومن هنا يمكن حمل الرواية على ذلك، فيكون ذكر الاثني عشر مع علو قرار البالوعة