وما يقال إن بعض الأسؤلة قد اشتملت عما له مقدر مع اشتمال الجواب أنه إن لم يتغير البئر بها فكذا، وإن تغير فانزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم، ففيه كون المقصود منه أنه مع التغيير لا يكتفى بالمقدر، بل لا بد من زواله وإن استوفيته، فيكون إشارة إلى نزح أكثر الأمرين، ولعل ذلك من جهة غلبة احتياج ما ذكر في السؤال في زوال التغيير إلى أزيد من المقدر، كما يومي إليه قوله (عليه السلام): (1) " إذا لم يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء وإن تغير فخذ منه حتى يذهب الريح " لظهوره في أنه إذا كان كذلك فلا يكفيك خمس دلاء، بل لا بد من النزح حتى يذهب الريح وإن بلغ المائة، والانصاف أن الأخبار غير ظاهرة فيما كان زوال التغيير محتاجا إلى أنقص من المقدر، بل إن لم تكن دالة على العدم فلا أقل من عدم الدلالة، فلا شاهد بها حينئذ، على أنها معارضة بأخبار نزح الجميع وغيرها، وأما ما ذكره في المنتهى ففي (الأول) إن دعوى العلة التغير محل منع، بل العلة في النجاسة حاصلة قبله، وكأن ذلك منه مبني على القول بطهارة البئر وعدم نجاستها إلا بالتغير، والكلام ليس فيه، بل قد يقال أن استصحاب النجاسة محكم وإن كان منشأها التغيير، ويكون حاله كحال الماء المحقون البالغ كرا إذا زال التغيير من قبل نفسه، فإن الأصح بقاء النجاسة للاستصحاب وإن كان فيه بحث ليس هذا محله. وفي (الثاني) إنه قياس لا نقول به، وكأنه ذكره (رحمه الله) على لسان العامة، أو أنه اشتباه منه أنه ليس بقياس، أو يكون المراد منه أنه عين الأول لكن بتقرير آخر، أو غير ذلك، وفي (الثالث) منع أنه عسر وحرج، ولذلك جاء التعبد به في كثير من مواضع النزح، وأيضا لو سلمنا كونه عسرا وحرجا فلا يقضي بصحة ما ادعاه، فإن هناك قولا آخر وهو القول بأكثر الأمرين، بل هو الأقوى كما ستسمع إن شاء الله. وفي (الرابع) مع كونه غير جار فيما قويناه من الأكثر أنه
(٢٧٣)