طاهر حتى تعلم أنه قذر " وباستصحاب الطهارة، وبالاحتياط، وبموافقته للصحيحة (1) المتضمنة لتقدير المساحة بالأشبار الثلاثة وبقرب القلتين الوارد في بعض الأخبار (2) تقدير الكر بها، ومثله قوله (عليه السلام) (3): " نحو حبي هذا " و " أكثر من راوية " (4) وبأن الأقل متيقن والزائد مشكوك فيه فيجب نفيه بالأصل، وبأن شرط الانفعال القلة ولم تعلم فلا يحصل الانفعال.
وفي الأول أن أصالة البراءة كما تكون عن وجوب اجتنابه وحرمة شربه تكون أيضا عن وجوب استعماله ووجوب إزالة النجاسة عن البدن والثوب به في بعض المقامات، اللهم إلا أن يقال إن النجاسة وإن كانت حكما وضعيا إلا أن مرجعها إلى التكليف فيتمسك في نفيها بأصالة البراءة، بخلاف الطهارة فإنها من قبيل كون الأشياء على الإباحة والنجاسة من قبيل الحرمة فيها، فيقال حينئذ الأصل البراءة عن النجاسة فتجب الطهارة به لعدم القول بالفصل، وليس إثباتا للتكليف بالأصل فليتأمل جيدا.
وفي الثاني والثالث بل والأول أيضا أنه إن كان المراد منها الحكم بالطهارة وعدم انفعاله بالنجاسة وإن لم يحكم بالكرية منها، فقيل فيه أن المعلوم المقطوع به من الأدلة أن حكم التنجيس والتطهير دائر مدار الكرية وجودا وعدما. فلا معنى للحكم بطهارة هذا المقدار من الماء وعدم قابليته للنجاسة إلا بالتغير مع عدم الحكم عليه بالكرية، إذ لا معنى لثبوت لوازم وجود الشئ بدون وجود الملزوم، قلت قد ظهر لك سابقا أن لا مانع من جريان الأصول على مقتضاها وإن لم تثبت الكرية، لكن الكلام في أنها هل تقتضي جميع أحكام الكرية أو لا؟ وقد قدمنا أنها تقتضي أكثر أحكامها وإلا