يكن كذلك، هذا مع أنه المتيقن من الأدلة المعلوم قطعا وما عداه في محل الشك لعدم ظهور الدليل عليه، والتمسك بأصالة الطهارة لا يجدي وكيف يصح ذلك مع أن الشارع قسم الماء إلى شيئين يمتنع خلو الواقع من واحد منهما وهما إما الكر أو دون الكر، فلا يمكن الحكم بكونه فردا من هذه الكلية أو من هذه الكلية إلا بالعلم أو ما يقوم مقامه، وليس عندنا عموم يقضي بأن ما شك في كريته شرعا فهو كر.
لأنا نقول لا يخفى على من لاحظ الأخبار الواردة في الكر أن أكثرها على خلاف تلك الدعوى وما اشتمل منها على السؤال عن بعض الأشياء المخصوصة لا ظهور فيه بالتخصيص بوجه من الوجوه، وكثير منها إنما هو ابتداء خطاب، مع أنه في مقام ضرب القاعدة وإعطاء القانون مع اشتمالها على لفظ الماء الذي هو حقيقة في الطبيعة أينما وجدت، وليس عمومه من جهة الحكمة، مع أن أخبار تحديد الكر سيما أخبار المساحة المفهوم منها إرادة الضرب وإرادة التقدير وهو كالصريح في عدم اعتبار هذا الاجتماع، وإلا لم تكن فائدة عظيمة في إناطة الحكم على الضرب وإرجاع الأمر إلى التقدير بالوزن وجعله مقدارا من غير ملاحظة كيفية من الكيفيات، على أن الاقتصار على ما يدعى ظهوره من هذه الأخبار من كون الماء مجتمعا في مثل حوض أو مصنع خلاف الاجماع. وأيضا فالتأمل في أخبار القليل (1) يكاد يحصل القطع منه بعدم شمولها لمثل هذا الرد، فإن أكثرها متعلق في حكم الإناء وشبهه، وعمدتها في العموم المفهوم وفي شموله لمثل المقام محل نظر بل منع، وكيف يسوغ للفقيه أن يدرج هذا الفرد تحت أخبار القليل ولا يدرجه تحت أخبار الكر المبنية على التقدير والضرب ونحوهما الظاهرة في الشمول لجميع الأفراد، وإن ما ذكر في بعضها من السؤال عن الحياض ونحوها لا دلالة فيه على التخصيص، بل هو ظاهر في كون المقصود معرفة حكم هذا الموضوع وأنه مورد لا شرط، ولذلك أجابه الإمام (عليه السلام) بما يشمل المسؤول عنه وغيره، وأيضا فإن التنجيس لمثل