والاطلاق في المياه الشامل للمقام. والعلم بخروج غير هذا الفرد لا يقضي بخروجه منه، وما رواه في السرائر من قول الرسول مدعيا أنه المجمع عليه بين المخالف والمؤالف:
(إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا). وما فيها أيضا " أن إجماع أصحابنا على هذه المسألة إلا من عرف اسمه ونسبه " انتهى، وبأنه لو لم يحكم بالطهارة بذلك لم يحكم بطهارة الماء الذي وجد فيه نجاسة إذا لم يعلم كونها قبل الكرية وبعدها، وبأن الكثرة إن كانت مانعة من قبول الماء الانفعال فلا فرق في ذلك بين سبقها ولحوقها. وفي الكل نظر أما الأول والثاني فلا يعارض الاستصحاب لكونه خاصا، مع عدم جريان أصل البراءة في بعض صور المسألة كالوضوء والغسل في وجه فتأمل ولاحظ ما ذكرناه في الماء القليل، مع أن إطلاقات المياه إن أراد بها الخصم مثل قوله (صلى الله عليه وآله) (1): " إذا وجدت الماء فامسسه جلدك " وقوله تعالى " فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا " (2) ونحو ذلك فهي لا تدل على المقام للقطع باشتراطها بالطهارة الغير المعلوم تحققها هنا، إذ من المسلم عندنا وعند الخصم خروج النجس إنما الكلام في كون هذا منه أو لا فلا يمكن إثباته بذلك، وهي غير مسافة لبيانه، فيكون الاستدلال بها من قبيل الاستدلال على طهارة صيد الكلاب بقوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " (3) وهو باطل كما بين في محله. وأما ما في السرائر من الرواية فقد أنكرها جماعة منهم المحقق في المعتبر فإنه قال: " إنا لم نروه مسندا والذي رواه مرسلا المرتضى (رحمه الله) والشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) وآحاد ممن جاء بعده، والمرسل لا يعمل به، وكتب الحديث عن الأئمة خالية عنه أصلا. وأما المخالفون فلا أعرف به عاملا سوى ما يحكى عن ابن حي وهو زيدي منقطع المذهب. وما رأيت أعجب ممن يدعي إجماع المؤالف والمخالف فيما لا يوجد إلا نادرا،