الامتزاج، الثاني أن يكون دفعة والمرجع فيها إلى العرف، وفي كاشف اللثام في تفسير عبارة العلامة من اعتبار الدفعة بأن المراد بها لا دفعتين ولا دفعات بأن يلقى عليه مرة نصف كر ثم نصف آخر. وهو تأويل بعيد جدا، فإن هذا المعنى يجزي عنه قوله القاء كر إذ الظاهر منه المجتمع. وكيف كان فغاية ما يمكن الاستناد إليه في اعتبار الدفعة النص المرسل عن المحقق الثاني. وما في المدارك من أنا لم نعثر عليه في كتب الحديث ولا نقله ناقل في كتب الاستدلال غير قادح، إذ عدم الوجدان لا يقضي بعدم الوجود.
وعن المحقق الثاني أيضا نسبته إلى تصريح الأصحاب فيكون هذا وما في الحدائق من نسبته إلى المشهور بين المتأخرين على الظاهر جابرين لهذا المرسل، مع أن استصحاب النجاسة محكم ولا بيان لكيفية التطهر. هذا كله مع التأييد بأن مع التدريج ينجس كل جزء يصل إلى الماء النجس لعدم تقوي السافل بالعالي. وعن الشيخ علي بعد أن ذكر كلام الشهيد في الذكرى بأنه يطهر بالقاء كر عليه متصل ولم يشترط الدفعة، بأن فيه تسامحا لأنه بوصول أول جزء منه إلى النجس يقتضي نقصانه عن الكر فلا يطهر واعترضه في المدارك بأنه يكفي في الطهارة بلوغ المطهر الكر حال الاتصال إذا لم يتغير بعضه النجاسة وإن نقص بعد ذلك، مع أن مجرد الاتصال لا يقتضي النقصان كما هو واضح، وكأن كلام المحقق ينحل إلى أنه لا معنى للاقتصار على الكر بل لا بد من الزيادة، لا أنه تعليل لاعتبار الدفعة. وما في المدارك أيضا من أن تصريح الأصحاب بالدفعة ليس حجة، مع أن العلامة في التحرير والمنتهى اكتفي في تطهير الغدير القليل النجس باتصاله بالغدير البالغ كرا، ومقتضى ذلك الاكتفاء في طهارة القليل باتصال الكر وإن لم يلق كله، فضلا عن كونه دفعة - يدفعه ما عرفت سابقا من أن ذلك لا ينافي اعتبار الدفعة، لما قدمنا أن المراد أنه إذا كان التطهير بالقاء الكر يعتبر فيه أن يكون دفعة، فحينئذ لا ينافي قولهم طهارة أحد الغديرين بالآخر لأنه ليس تطهيرا بالالقاء، فلا معنى لما ذكره في المدارك، ومما يرشد إلى هذا تنظير العلامة في جريان ماء الحمام إلى سواه.