أو إعجابه بنفسه، أعاذنا الله من ذلك، ومع ذلك هو مخالف للرواية المنصوصة عن المتقدمين من أصحابنا رحمهم الله، فإذا ثبت أنه ترك ذلك استحلالا وجحودا يكون كفرا منه ظهر أنه معاقب عليه في الآخرة كما هو معاقب على أصل الكفر، وهو المراد بقوله تعالى: * (وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة) *: أي لا يقرون بها، وقال تعالى: * (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين) * قيل في التفسير: من المسلمين المعتقدين فرضية الصلاة. فهذا معنى قولنا: إن الخطاب يتناولهم فيما يرجع إلى العقوبة في الآخرة.
فأما في وجوب الأداء في أحكام الدنيا فمذهب العراقيين من مشايخنا رحمهم الله أن الخطاب يتناولهم أيضا والأداء واجب عليهم فإنهم لا يعاقبون على ترك الأداء إذا لم يكن الأداء واجبا عليهم، وظاهر ما تلونا يدل على أنهم يعاقبون في الآخرة على الامتناع من الأداء في الدنيا، ولان الكفر رأس المعاصي فلا يصلح سببا لاستحقاق التخفيف، ومعلوم أن سبب الوجوب متقرر في حقهم، وصلاحية الذمة لثبوت الواجب فيها بسببه موجود في حقهم، وشرط وجوب الأداء التمكن منه وذلك غير منعدم في حقهم، فلو سقط الخطاب بالأداء كان ذلك تخفيفا والكفر لا يصلح تخفيفا لذلك، ولا معنى لقول من يقول إن التمكن من الأداء على هذه الصفة لا يتحقق حتى لو أدى لم يكن ذلك معتدا به، لأنه يتمكن به من الأداء بشرط أن يقدم الايمان والخطاب به ثابت في حقه، فهو نظير الجنب والمحدث يتمكن من أداء الصلاة بشرط الطهارة وهو مطالب بذلك، فيكون متمكنا من أداء الصلاة يتوجه عليه الخطاب بأدائها مع أن انعدام التمكن من الأداء بإصراره على الكفر وهو جان في ذلك، فيجعل التمكن قائما حكما إذا كان انعدامه بسبب جنايته، ألا ترى أن زوال التمكن بسبب الشكر لا يسقط الخطاب بأداء العبادات، وكذلك انعدام التمكن بسبب الجهل إذا كان بتقصير منه لا يسقط الخطاب بالأداء، فبسبب الكفر أولى.
ومشايخ ديارنا يقولون إنهم لا يخاطبون بأداء ما يحتمل السقوط من العبادات، وجواب هذه المسألة غير محفوظ من المتقدمين من أصحابنا رحمهم الله نصا، ولكن