تعالى: * (اركعوا واسجدوا) * فإنا ما عرفنا الترتيب بهذا النص إذ النصوص فيه متعارضة، فإنه تعالى قال: * (واسجدي واركعي مع الراكعين) * ولكن مراعاة ذلك الترتيب بكون الركوع مقدمة السجود والقيام مقدمة الركوع على ما نبينه في موضعه إن شاء الله تعالى. وكذلك قوله تعالى: * (إن الصفا والمروة) * فإن مراعاة الترتيب بينهما ليس باعتبار هذا النص ففي النص بيان أنهما من شعائر الله ولا ترتيب في هذا وإنما قال رسول الله (ص) ابدأوا بما بدأ الله تعالى على وجه التقريب إلى الافهام لا لبيان أن الواو توجب الترتيب، فإن الذي يسبق إلى الافهام في مخاطبات العباد أن البدائية تدل على زيادة العناية فيظهر بها نوع قوة صالحة للترجيح، ولهذا قال علماؤنا رحمهم الله فيمن أوصى بقرب لا تسع الثلث لها فإنه يبدأ بما بدأ به الموصي إذا استوت في صفة اللزوم، لان البداية تدل على زيادة الاهتمام، وقد زعم بعض مشايخنا أن معنى الترتيب يترجح في العطف الثابت بحرف الواو في قول أبي حنيفة، وفي قول أبي يوسف ومحمد رحمهم الله يترجح معنى القران، وخرجوا على هذا ما إذا قال لامرأته ولم يدخل بها: إن دخلت الدار فأنت طالق وطالق وطالق فدخلت فإنها تطلق واحدة عند أبي حنيفة باعتبار أنه مترتب وقوع الثانية على الأولى وهي تبين في الأولى لا إلى عدة، وعندهما تقع الثلاث عليها باعتبار أنهن يقعن جملة عند الدخول معا، وهذا غلط فلا خلاف بين أصحابنا أن الواو للعطف مطلقا إلا أنهما يقولان موجبه الاشتراك بين المعطوف والمعطوف عليه في الخبر. وقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق جملة تامة، وقوله وطالق جملة ناقصة لأنه ليس فيها ذكر الشرط فباعتبار العطف يصير الخبر المذكور في الجملة التامة كالمعاد في الجملة الناقصة، فيتعلق كل تطليقة بالدخول بلا واسطة وعند الدخول ينزلن جملة كما لو كرر ذكر الشرط مع كل تطليقة، ألا ترى أنه إذا قال: جاءني زيد وعمرو كان المفهوم من هذا ما هو المفهوم من قوله: جاءني زيد جاءني عمرو. وأبو حنيفة رحمه الله يقول: الواو للعطف وإنما يتعلق الطلاق بالشرط كما علقه وهو علق الثانية بالشرط بواسطة الأولى، فإن من ضرورة العطف هذه الواسطة، فالأولى تتعلق بالشرط بلا واسطة والثاني بواسطة الأولى، بمنزلة القنديل المعلق بالحبل بواسطة الحلق، ثم عند وجود الشرط ينزل ما تعلق فينزل كما تعلق، ولكنهما
(٢٠٢)