ولجاز أن يقال ما نسخت سنة قط إلا بقرآن قد نسخت تلاوته فيوجب هذا بطلان قول مخالفنا إن السنة لا ينسخها القرآن فإن قال قائل كيف يجوز أن يكون حديث عبادة ناسخا لحكم القرآن وهو من أخبار الآحاد ومن أصلكم أنه لا يجوز نسخ القرآن بأخبار الآحاد فالجواب عن هذا من وجهين أحدهما وهو أن خبر عبادة وإن كان وروده من طريق الآحاد فقد اجتمعت الأمة على استعمال حكمه في إيجاب الرجم إلا من شذ عليها ممن لا يعتبر خلافه خلافا من الخوارج وما كان هذا سبيله من أخبار الآحاد فهو موجب للعلم في معنى الخبر المتواتر ويجوز نسخ القرآن به ألا ترى أن قوله عليه السلام لا وصية لوارث هو من أخبار الآحاد وقد أجاز أصحابنا نسخ القرآن به لتلقي الناس إياه بالقبول واتفاقهم على استعمال حكمه والوجه الآخر أن رجم المحصن قد ثبت عن النبي عليه السلام بأخبار متواترة منتشرة موجبة للعلم بمخبراتها فإنما أثبتنا الرجم بهذه الأخبار وبخبر عبادة وأثبتنا بها نسخ الحبس والأذى عن المحصنات فصار حظ خبر عبادة في إثبات تاريخ الرجم وأنهم نقلوا أمر الحبس والأذى إلى الرجم بلا واسطة حكم بينهما ولا نزول آية قبله أوجبت نسخهما وقد يجوز إثبات تاريخ الحكم بمثله وإن تعلق به حكم النسخ إذا كان النسخ واقعا به وبغيره مما يوجب العلم بخبره عند اجتماعهما ومما قيل إنه نسخ من حكم القرآن بالسنة قوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين وقوله تعالى وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فقد كانت الوصية لهم واجبة بهذه الآية لأن قوله تعالى كتب عليكم معناه فرض عليكم كقوله كتب عليكم الصيام ونحوه وليس في القرآن ما يوجب نسخه فلم ينسخ إلا بقول النبي عليه السلام لا وصية لوارث
(٣٥٨)