على أنهم منهيون عنه في حال الكفر مستحقون للعقاب عليه والعقاب لا يستحق إلا بترك الواجبات ويدل عليه أيضا وجوب حد الزنا والسرقة على أهل الذمة عقوبة لهم على فعلهم فدل جميع ما وصفنا على أن الكفار مخاطبون بالشرائع معاقبون على تركها سوى عقوبة الكفر فإن قال قائل كيف يجوز أن يكونوا مخاطبين بها ولا يصح منهم فعلها قبل الإسلام في حال الكفر قيل له لأنه قد جعل لهم السبيل إلى فعلها بأن يسلموا ثم يأتوا بها كما أن الجنب لا يصح منه فعل الصلاة في حال الجنابة ولم يسقط عنه فرضها إذ كان قد جعل له السبيل إلى فعلها بطهارة يقدمها أمامها كذلك الكافر قد جعل له السبيل إلى التمسك بشرائع الإسلام بأن يقدم أمامها فعل الإيمان فإن قال لو كانوا مخاطبين بها لما أجاز إقرارهم على تركها كالمسلمين قيل له هم مخاطبون بالإيمان عند الجميع وقد أقروا على تركه بالجزية كذلك شرائعه فصل الأمر بالشئ يقتضي كراهة ضده على ما تقدم من بيانه فيما سلف من أن لفظ الأمر يقتضي الإيجاب
(١٥٨)