باب في نسخ التلاوة مع بقاء الحكم اختلف الناس في نسخ رسم القرآن وتلاوته مع بقاء حكمه فقال قوم لا يكون رفع حكمه إلا برفع رسمه وتلاوته فيرتفع الحكم بارتفاعها وقال آخرون يجوز رفع أحدهما مع بقاء الآخر أيهما كان من تلاوة أو حكم وقالت طائفة لا يجوز نسخ القرآن وتلاوته ولكن يجوز نسخ الحكم مع بقاء التلاوة قال أبو بكر رحمه الله أما جواز نسخ الحكم فلا خلاف فيه بين الأمة إلا فرقة شذت عنها وقد حكينا فيما تقدم قولها وأما نسخ الرسم والتلاوة فإنما يكون بأن ينسيهم الله تعالى إياه ويرفعه من أوهامهم أو يأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرها في كتابه في قوله تعالى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ولا نعرف اليوم منها شيئا ثم لا يخلو ذلك من أن يكون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا توفي لا يكون متلوا من القرآن أو يموت وهو متلو موجود بالرسم ثم ينسيه الله الناس ويرفعه من أوهامهم وغير جائز عندنا نسخ شئ من القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لا رسمه ولا حكمه ولا خلاف بين الأمة أن نسخ القرآن وسائر الأحكام لا يكون بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا قوم ملحدة يستهزئون بإظهار الإسلام ويقصدون إفساد الشريعة بتجويز نسخ الأحكام بعد موت النبي عليه السلام وأما نسخ رسم القرآن دون حكمه في حياة النبي عليه السلام فإن في مذهب أصحابنا ما يدل على تجويزهم نسخ التلاوة قبل وفاة النبي عليه السلام مع بقاء الحكم وأما بعد وفاته عليه السلام فغير جائز
(٢٥١)