وإن لم تكن امرأته أذنت له فعليه الرجم فهذه الأحكام التي ذكرناها لم يثبت نسخها إلا بدلالة الإجماع عليه وأما اعتبار دلائل النظر على الناسخ من الحكمين فإنما يجب فيما لا يعرف تاريخه من جهة النقل على الوجوه التي بينا فيرجع فيه إلى شواهد الأصول ودلائل النظر فيثبت منه ما أثبتته وينتفى منه ما نفته وقد ذكر عيسى بن أبان رحمه الله في هذا المعنى جملة يعرف بها عامة هذا الباب من فهم معاني كلامه قال عيسى إذا روي خبران متضادان والناس على أحدهما فهو الناسخ وإن اختلفوا ساغ الاجتهاد فيهما واستعمال أشبههما بالأصول وإن علم تاريخهما فالآخر ناسخ الأول إذا لم يحتمل الموافقة وإن احتمل الموافقة ساغ الاجتهاد فيه وإن عمل الناس بالأول وهو الظاهر في أيدي أهل العلم والآخر خامل لا يعمل به إلا الشاذ نظر فإن سوغ الذين عملوا بالأول العمل بالآخر ساغ الاجتهاد فيه وإن عابوا من عمل بالآخر كان ما عمل به الناس هو المستعمل لأن النسخ لو كان ثابتا لما عرفوا الأول ولظهر النسخ منهم كما ظهر الفرض الأول حتى لا يشذ عنه إلا القليل ألا ترى أن لحوم الأضاحي قد ظهرت الإباحة فيها كما ظهر الحظر وكذلك زيارة القبور وإباحة الظروف ومتعة النساء قال أبو بكر رحمه الله أما قوله أما إذا كان الناس على أحدهما فهو الناسخ فإن وجهه أنه قد ثبتت صحة حجة الإجماع فحيثما وجدت فواجب الحكم بصحته
(٢٨٩)