وليس في ذكر الأربعين بعد تقديم ذكر الثلاثين والعشر اظهار شئ ولا إيضاح لما أشكل بالكلام الأول وإنما يسمى كذلك تأكيدا وتقريرا كما يؤكد بتكرار اللفظ كقوله تعالى فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا وقوله تعالى أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى وكقول النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم تجد بنت مخاض فابن لبون ذكر وليس هذا من البيان في شئ وجعل أيضا الشافعي قوله تعالى فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة زيادة في البيان وما سمى أحد هذا بيانا غيره وإنما قال أهل العلم في ذلك أنها عشرة كاملة في قيامها مقام الهدي وما يستحق بها من الثواب ثم قسم البيان إلى خمسة أقسام وما سبقه إلى هذا التقسيم أحد فلا يخلو من أن يكون أخذه عن لغة أو عن شرع ولا سبيل له إلى اثبات ذلك من واحدة من الجهتين ولا ندري عمن أخذه ويشبه أن يكون ابتدأه من قبل نفسه ثم لم يعضده بدلالة فحصل على الدعوى ثم جعل القسم الأول قوله تعالى فتم ميقات ربه أربعين ليلة ونحوه وقد بينا أن هذا ليس ببيان وقد قال بعض أصحابه أن فائدة ذكر العشرة بعد تقديم العدد المذكور أن الله تعالى أراد أن يعلمنا بذلك الحساب وهذا تأويل يكفي في الإبانة عن جهل قائله وغباوة حكاية
(١٤)