أحدهما الاعتقاد أنه إن قدم لزمه فعله وأنه سيفعله إن قدم والآخر أنه إن لم يقدم وجب عليه تركه كان هذا معنى سائغا وتكليفا جائزا يستفيد به المأمور توطين النفس على فعله إن وجد الشرط وعلى تركه إن لم يوجد فيستحق الثواب عليه وليس هذا بمنزلة أمرنا بصعود السماء وقلع الجبال على شرط التمكين لأن هذا قد وقع الإياس من وجوده فلا يكون الأمر به إلا عبثا لا فائدة فيه والأول الذي قد يجوز عندنا وجود التمكين منه ويجوز غيره غير ممتنع مثله في عادات الحكماء على الشرط الذي وصفنا ولو قال رجل لعبده اقلع الجبال واشرب ماء البحر على شرط التمكين منه والقدرة عليه كان عابثا واضعا للامر في غير موضعه فكذلك أوامر الله تعالى لنا تجري على هذا المنهاج فإن قال قائل يجوز على هذا أن يرد الامر معلقا بشرط أن لا ينسخ مثل أن يقول صل غدا إن لم ننسخ هذه الصلاة عليكم كما أجزت أن يقول صل غدا إن مكنت منها ولم يحل بينك وبينها وما الفصل بين الأمر المعلق بشرط التمكين وبينه معلقا بشرط ألا ينسخ قيل له لا يجوز ورود الأمر معقودا بشريطة أن افعلوه إن لم أنسخه عنكم قبل وقت الفعل والفصل بينه وبين ما ذكرنا أنه إذا أمر بأمر فقد أراده منه وإذا نهاه عنه فقد كرهه منه ولا يصح أن يقول قد أردته منك إن لم أكرهه فلما لم يصح أن يجمع ذلك في لفظ الأمر لم يصح الأمر به معقودا بهذه الشريطة ولا يمتنع أن تقول افعله إن قدرت
(١٥٣)