باب القول فيما يجوز نسخه وما لا يجوز الأصل في هذا الباب أن أفعال المكلفين إذا وقعت عن قصد فاعلها فهي على ثلاثة أنحاء في العقل منها واجب لا يجوز عليه التغيير والتبديل كتوحيد الله عز وجل وتصديق رسله وشكر المنعم واجتناب المقبحات في العقول ومنها ممتنع محظور انقلابه عن حال نحو كفران النعمة والكذب وتكذيب رسل الله وارتكاب المقبحات في العقول فهذان البابان يجريان في حكم العقل على شاكلة واحدة لا يجوز عليهما التغيير والتبديل ولا يصح مجئ العبادة فيهما بخلاف ما في العقول من حكمها ومن أجل ذلك لم يصح نسخهما وذلك لأن العقل حجة لله تعالى فما حسنه من شئ فهو حسن وما قبحه فهو قبيح والسمع حجة لله تعالى أيضا وغير جائز أن تتضاد حجج الله تعالى ولا يجوز أن تتنافيا وفي فثبت أن السمع لا يرد برفع ما في العقل وجوبه ولا إيجاب ما في العقل حظره فلذلك قلنا إن هذين الوجهين لا يجوز ورود النسخ فيهما
(٢٠١)