الزيادة بعد ذكر الزيادة مع النص واستقرار حكمها فإنه يكون ناسخا للزيادة وذلك لاستحالة جمعهما في حال واحدة فالوجه الأول نحو قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق اقتضى ظاهره وحقيقته جواز الصلاة بغسل هذه الأعضاء فصار كقوله قد أجزأتكم صلاتكم بغسلها دون وجود النية فيه فلا يصح أن يقول مع ذلك النية واجبة في غسلها فإن لم تنووا به الطهارة لم تجزكم حتى صلاتكم وكذلك قوله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم تعالى لا يصح اجتماعه مع الشاهد واليمين في امر واحد مع استعمال حكم الآية على حسب مقتضاها وموجبها لأنه لا يصح ان تقول قد أوجبت عليكم الحكم بالشاهدين والرجل والمرأتين دون غيرهم وأجزت لكم مع ذلك الحكم بالشاهد واليمين لأن اللفظ يتناقض ويستحيل معنا وكذلك قوله تعالى فإن والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلده يقتضي أن يكون المائة حدهما وأن وجودهما يوجب وقوعها موقع الجواز واستيفاء كمال الحد بها فغير جائز أن تقول بعد ذلك هذا بعض الحد دون جميعه وأن كماله بوجود النفي معه ونظائر ذلك كثير فلما امتنع وجودهما في أمر واحد وجب أن يكون وروده بعد استقرار الحكم الأول موجبا لنسخه ولا فرق بين ورود النص منفردا عن ذكر الزيادة في كونها ناسخا للنص المتقدم له المعقود بذكر الزيادة وبين ورود الزيادة بعد ورود النص منفردا عنها فأما ورود النص بعد الزيادة فنحو قوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة فاقتصر منها على ذكر الجلد دون النفي والرجم وقد كان تقدم قبل نزول هذه الآية من النبي عليه السلام ذكر النفي والرجم مع الجلد في حال وجود الإحصان أو عدمه بقوله خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب الجلد والرجم وبه نسخ الحبس والأذى لأن هذا السبيل هو السبيل المذكور في قوله تعالى أو يجعل الله لهن سبيلا فعلمنا أن قوله تعالى الزانية والزاني لم يكن نزل حينئذ لأنه لو
(٢٧٧)