فإن قال قائل فإذا لم ينقل ذلك إلينا إلا من طريق الأحاديث فلا يثبت حكمه ولا يعترض به على حكم القرآن لأن من أصلك أن الزيادة في نص القرآن لا يجوز إلا بمثل ما يجوز به النسخ قيل له قد كان هذا الحكم مستفيضا عندهم أنه كان متلوا من القرآن فأثبتنا الحكم بالاستفاضة وبقاء تلاوته غير ثابت بالاستفاضة لأنه جائز بقاء الحكم مع نسخ التلاوة فلذلك لم نثبته متلوا فيه قال قائل فإن كان الحكم ثابتا بالاستفاضة فأثبت التلاوة بمثلها لأنه الوجه الذي منه نقل الرسم له لا يجب ذلك لأن التلاوة لما لم يبق حكمها اليوم من جهة نقل الاستفاضة إذا لم تثبت في سائر المصاحف علمنا إنها منسوخة وليس في ترك تلاوتها ما يوجب نسخ حكمها إذ لا يمتنع بقاء أحدهما مع عدم الآخر فأما نسخ التلاوة والحكم جميعا فجائز أيضا عندنا في زمان النبي عليه السلام ويجوز عندنا أيضا نسخ الأخبار دون مخبرها في حياته عليه السلام على ما بينا فيما سلف ولا يجوز ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وذلك لأن العبادة تتعلق بنا لورود رسم القرآن من وجهين أحدهما التلاوة والآخر الحكم فليس يمتنع زوال العبادة بالأمرين جميعا
(٢٥٣)