السمع ما يمنع من ذلك وندل الآن على بطلان قول من زعم أنه لا يجد نسخ القرآن بالسنة بعد موافقته إيانا على تجويزه فنقول إن أصحابنا قد ذكروا أحكاما في القرآن لم يثبت نسخها إلا بالسنة منها قوله تعالى واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن إلى قوله تعالى توابا رحيما فاتفق السلف من أهل العلم بالتفسير منهم ابن عباس وغيره أن حد الزانيين المحصن وغير المحصن كان الحبس والأذى المذكورين في هذه الآية ثم نسخ ذلك عنهما بالجلد لغير المحصن والرجم للمحصن قال أبو بكر والموجب لنسخ ذلك حديث عبادة بن الصامت عن النبي عليه السلام البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب الجلد والرجم والدليل على أن الحبس والأذى نسخا بالخبر قول النبي عليه السلام في هذا الحديث خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا فنبهنا على وجود السبيل الذي ذكره الله تعالى في قوله أو يجعل الله لهن سبيلا ودل بقوله خذوا عني على معنيين أحدهما الإخبار بالنسخ في الحال وأنه لم يتقدمها قبل هذا الوقت والثاني أن هذا النسخ واقع لا بقرآن بل بسنته عليه السلام فإن قال قائل إنما نسخ ذلك بقوله تعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة قيل له هذا غلط من وجهين أحدهما أن قوله خذوا عني قد أفاد وقوع النسخ ثم بسنته لا بالقرآن
(٣٥٤)