فصل من هذا الباب قال أبو بكر قد بينا فيما سلف من هذا الباب أن الزيادة في النص إذا وردت بعد استقرار حكمه منفردا عنها كان نسخا وأن الزيادة إن وردت متصلة بالنص معطوفة عليه كاتصال الاستثناء بالجملة فإنهما جميعا مستعملان فيكون النص مستعملا بالزيادة الواردة معه وغير جائز في مثله إفراد أحدهما عن الآخر كما لا يجوز إفراد الجملة عن الاستثناء ونذكر الآن حكم الزيادة إذا وردت وقد ورد النص منفردا عنها ولا نعلم تاريخهما فنقول إن الزيادة إن كانت وردت من جهة ثبت النص بمثلها فإن طريقه الاستدلال بالأصول فإن شهدت الأصول من عمل السلف أو النظر على ثبوتهما معا أثبتناهما فإن شهدت بالنص منفردا عنها أثبتناه دونها وإن لم يكن في الأصول دلالة على إسقاط حكم الزيادة وإثبات النص دونها فالواجب أن يحكم في ذلك بورودهما معا ويكونان بمنزلة الخاص والعام إذا وردا ولا نعلم تاريخهما ولا في الأصول دلالة على وجوب القضاء بأحدهما على الآخر فيكونان مستعملين جميعا كذلك إذا وردت الزيادة والنص ولم نعلم تاريخها ولا مع أحدهما دلالة من الأصول ولا استعمال الناس للنص دون الزيادة فالحكم بورودهما معا واجب فيكون النص ثابتا بزيادته وأما إذا كان ورود النص من جهة توجب العلم بموجبه نحو أن يكون نص الكتاب أو سنة ثابتة بالنقل المستفيض وكان ورود الزيادة من جهة أخبار الآحاد فإنه لا يجوز إلحاقها بالنص الثابت بالكتاب أو بالنقل المستفيض لأن الزيادة لو كانت ثابتة موجودة مع النص لنقلها إلينا من نقل النص إذ غير جائز أن يكون المراد إثبات النص معقودا بالزيادة فتقتصر النبي عليه السلام على إبلاغ النص منفردا منها فواجب
(٣١٣)