وأيضا فمعلوم أن المراد لتبين ما أمرت ببيانه فيحتاج إلى أن يثبت أولا أنه مأمور بالبيان على الفور إذ ليس في اللفظ دلالة عليه فقد بين أنه ليس في الآية دليل على ما ذكر هذا القائل في امتناع جواز تأخير البيان وأما قوله تعالى بلغ ما أنزل إليك من ربك فعليه أن يثبت أولا أن البيان مما قد أنزل إليه حتى يبينه لأن من يخالف في هذا مجوز أن ينزل الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم عموم حكم ومراده الخصوص ثم يؤخر بيانه عنه واحتج بعض من أجاز البيان في ذلك بأنه ليس في العقل زعم إحالة ذلك لأنه جائز أن يعلم الله تعالى من مصلحتنا أن يخاطبنا بالعموم فنعتقده ثم يبينه لنا في الثاني قال أبو بكر وفساد هذا الكلام وانحلاله أظهر من أن يخفي على ذي بصيرة وذلك لأنه ادعى أولا أن في العقل يجوز ذلك واستدل عليه بأنه جائز أن يعلم الله تعالى من مصلحتنا ان يخاطبنا بالعموم فنعتقده ثم يبينه لنا في الثاني وقائل هذا لا يدري أنه غير جائز ان تكون المصلحة في أن يتعبدنا بخلاف مراده وأن يبيح لنا الإخبار عن الشئ بخلاف ما هو به فرام هذا القائل إثبات تجويز كون المصلحة في مجئ العبادة به بأن يجوز على الله تعالى ان يتعبد بخلاف مراده وباعتقاد الشئ على خلاف ما هو به فانتظم أمرين كلاهما منفي عن الله تعالى أحدهما تجويزه على الله تعالى ان يتعبدنا بالجهل لأن اعتقاد الشئ على خلاف ما هو به جهل
(٥٢)