في حظرها قيل له ليس كذلك لأن النقل وإن كان قد دل على إباحة أشياء في الجملة على حسب ما تقدم منا القول فيه فإنا متى قصدنا إلى استباحة شئ منها بعينه فإنما طريق استباحته الاجتهاد وغلبة الظن في ألا يلحقنا به ضرر أكثر مما نرجو به من نفع ألا ترى أن التصرف في التجارات والخروج في الأسفار وشرب الأودية وأكل الأطعمة إنما يصح لنا منها استباحة ما لا يلحقنا به ضرر أكثر من النفع الذي نرجوه بها في غالب ظننا وقد بينا ذلك فيما سلف وذكرنا أن نظيره ما أمر الله تعالى به في قبول شهادة شاهدين مرضيين في الجملة وذلك ثابت بما أوجب لنا العلم الحقيقي ثم متى عينا شاهدين كان قبول شهادتهما من طريق غالب الظن لا من جهة حقيقة العلم ألا ترى أنه يسع الاجتهاد في رد شهادتهما على حسب ما يغلب في الظن من قبولها أوردها فكذلك ما وصفنا في كون الأشياء مباحة في الأصل هو على هذا السبيل
(٣٦٦)