فساد استدلالهم به بها على ما ادعوه إن شاء الله فأما وجه الدلالة منها على صحة قولنا فمن وجهين أحدهما أن قوله تعالى بخير منها لا يخلو من أن يكون المراد به خيرا منها في نظمها وصورتها وحروفها أو خيرا منها أصلح لنا وأنفع فأما الوجه الأول ففاسد لأن أحدا لا يقول إن هذه الآية خير من هذه الآية في نفسها فثبت الوجه الثاني وليس يمتنع أن يكون حكم ثبت من جهة السنة أصلح لنا وأنفع منه لو نزل به قرآن ومن أجل ذلك أنزل الله ببعض الأحكام قرآنا وأنزل ببعضها وحيا ليس بقرآن على حسب علمه بمصالحنا فيها وإذا كان المراد بالآية ما وصفنا فقد دلت على جواز نسخها بالسنة لجواز إطلاقها أنها خير لنا من الوجه الذي ذكرنا والوجه الثاني أن قوله مثلها لا يخلو من أن يكون المراد المماثلة بينهما من جميع جهاتهما أو من بعضها فلو كان المرا وجود المماثلة بينهما من جميع الجهات لوجب أن يكون الناسخ مثل المنسوخ في نظمه وصورته وحروفه ومعانيه وهذا يوجب أن يكون الناسخ هو المنسوخ ويوجب بطلان النسخ رأسا فلما بطل هذا علمنا أن المراد وجود المماثلة بينهما من بعض الجهات وقد يصح إطلاق اسم المثل إذا تماثلا من بعض الوجوه كما قال تعالى وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون فأطلق اسم المماثلة لمماثلتها من بعض الوجوه إذ معلوم أن الحور العين غير مماثلة للؤلؤ من جميع الجهات وإنما مثلهن به من جهة الصفاء والنقاء ونحو ذلك والله أعلم فمتى استحق اسم المماثلة من وجه فهو داخل تحت الآية وقد تكون السنة مثل الآية من جهة النفع والصلاح ومن جهة أنهما جميعا وحي من الله تعالى فوجب أن يجوز نسخه بها لعموم اللفظ
(٣٤٧)