باب القول في الأمر إذا تناول أحد أشياء على جهة التخيير إذا خير المأمور بين فعل أحد أشياء مثل كفارة اليمين فالواجب في الحقيقة أحدها ولا يجوز عندنا أن يقال إن جميعها هو الواجب لأن الواجب هو ما لا يجوز له الانصراف عنه مع الإمكان إلا إلى بدل ومعلوم أن كل واحد منها إذا تعين بالفعل منفردا عن غيره كان في الحكم هو الواجب لا على معنى أنه بدل من غيره فلما كان له ترك ما عدا الواحد لا إلى بدل علمنا أنه ليس بواجب ويدل عليه أيضا اتفاق الجميع من مخالفينا في ذلك على أنه لو فعل الجميع دفعة واحدة كان المفعول على وجه الوجوب واحدا منها لا جميعها فدل على أن الواجب واحد فيها إذ لو كان الجميع واجبا لكان الجميع إذا فعله مفعولا على وجه الوجوب لأنه محال أن يكون واجبا قبل الفعل ثم إذا وقع الفعل وقع نفلا لا واجبا فثبت بما ذكرنا أن الواجب أحدها لا بعينه لا جميعها وأن ما فعل من ذلك يتعين حكم الوجوب فيه بالفعل وهو مثل ما يقول في أنه مخير في أن يعطى زكاته من شاء من المساكين فأيهم أعطى كان مؤديا للواجب وغير جائز مع ذلك أن يقال إن الواجب اعطاء مساكين أهل الأرض من حيث جاز اعطاؤه لمن شاء منهم
(١٤٧)