بلفظ التأبيد في الأزمان المستقبلة فإن الذي يجب على سامعه من المكلفين له والمتعبدين به لزوم اعتقاد جواز نسخه ما دام النبي عليه السلام حيا كقوله صلوا وصوموا في مستقبل الأيام ونحو ذلك وهذا ما لا خلاف فيه بين أحد من أهل العلم نعلمه وأما إذا قرنه بوقت بعينه نحو أن يقول صلوا هذه السنة في كل يوم أو يقول صوموا شهر رمضان القابل فإن هذا لا يجوز ورود النسخ فيه عندنا بحال وسنفرد القول فيه بعد هذا وأما إذا قال صلوا الظهر أبدا في مستقبل أعماركم ومن بعدكم إلى أن تقوم الساعة فإن من الناس من يجيز ورود النسخ في مثله إذا كان هذا القول من شرائع الأنبياء عليهم السلام الذين كانوا قبل نبينا خاتم النبيين ولا يجوز النسخ بعده ومن الناس من لا يجيز ورود النسخ على مثل هذه الألفاظ فأما الوجه الأول الذي بدأنا بذكره في هذا الفصل فإنما جاز نسخه لأنه لما لم يحصره توقيت ولا مدة وكان جواز النسخ قائما في مثله وجب علينا ألا نعتقد عند وصوله إلينا بقاء حكمه على التأبيد مع بقاء النبي عليه السلام بل الواجب علينا في مثله اعتقاد جواز نسخه وإذا كان ذلك كذلك جاز ورود النسخ فيه حتى إذا توفي النبي صلى الله عليه وسلم قبل نسخه استقر حكمه على التأبيد لأن النسخ لا يجوز بعد موته عليه السلام وأما إذا قرنه بالتأبيد فقال افعلوه أبدا أنتم ومن يحدث بعدكم إلى
(٢٠٧)