وما لا يجوز شرطه مع لفظ الأمر في خطاب واحد لم يصح ورود النسخ به وما ذكرنا وصفه من نسخ الأمر قبل مجئ وقت الفعل هو من هذا القبيل ألا ترى أنه لا يجوز أن يقول قد فرضت عليكم الظهر ونهيتكم عنه بعينه فلما لم يجز أن يكون النهي مذكورا مع لفظ الأمر يصح أن يريده الله عز وجل ولا يتعبد بالنهي عنه بعده ألا ترى أن سائر ما يجوز نسخه إنما يجوز على وجه لو ذكر مع لفظ الأمر بدءا لم يتناقض وأنه لا يجوز أن يريد بما لو ذكر مع لفظ الأمر تناقض الكلام واستحال فدل على صحة ما ذكرنا من امتناع جواز نسخ ما هذه صفته فإن قال قائل ما أنكرت أن يجوز ورود النسخ فيما كان هذا وصفه إذا كان لفظ الأمر مطلقا وإن لم يجر ذكر النهي عنه من لفظ الأمر بأن يكون الأمر معلقا بعدم ورود النسخ فيصير تقديره افعلوا إن لم أنسخه عنكم قيل له فهذا هو المستنكر الذي لا يجوز شرطه في لفظ الأمر لأنه يصير في معنى قوله قد أمرتكم به إن لم أنهكم عنه وقد أردته منكم ان لم أكرهه ولا يجوز شرط ذلك في الأمر فكذلك قوله افعلوه إن لم أنسخه عنكم إذا كان يقتضي ذلك لم يجز أن يشرطه مع الأمر وعلى أن قائل هذا لا يخلو من أن يقول بان الأمر يقتضي فعل المأمور به في الوقت المعين على جهة الإيجاب أو الندب على حسب اختلاف الناس فيه أو أن يقول إن صيغة الأمر لا تقتضي شيئا من ذلك وإنما يكون حكمه في اقتضاء الفعل المأمور موقوفا على دلالة غير اللفظ فإن كان ممن يأبى القول باقتضاء ورود الأمر فعل المأمور به وهو أن يقول إنه موقوف على الدليل فإن الأمر مع ذلك في صيغته وحيال: وروده ليس بالإيجاب
(٢٣٤)