ينسخه بعد الفعل وهذا محال لأنه قد أدى الواجب عليه بالأمر ومن سقط عنه الفرض بأدائه فغير جائز أن يقال إنه قد نسخ عنه ما قد أداه ولم يقض لفظ الأمر لزوم غير ما فعله فلم يكن ها هنا شئ نسخ في الحقيقة وأما القسم الرابع وهو أن يوجب فعله مكررا في أوقات ويقرنه بذكر التأبيد نحو قوله صلوا أبدا ما بقيتم في كل يوم وصوموا شهر رمضان في كل سنة أبدا ما حييتم إلى أن تقوم الساعة فإن هذا قد ذكرنا حكمه فيما سلف واختلاف الناس في جواز نسخه وامتناعه وبينا أن الأظهر من أمره أنه لا يجوز نسخه وأما القسم الخامس وهو أن يكون وروده بلفظ تناول أدنى الجمع حقيقة ويحتمل أكثر منه ويقتضي فعله مكررا في أوقات مستقبلة من غير أن يكون مؤقتا ولا مقرونا بذكر التأبيد فإن هذا هو الذي يجوز نسخه بعد التمكن من فعله على أدنى ما يتناوله لفظه سواء فعله المأمور به أو لم يفعله وأقسام النهي فيما يجوز نسخه وما لا يجوز على هذا النحو الذي ذكرناه في الأمر إلا في وجه واحد وهو أن قوله صل وصم ونحو ذلك إنما يقتضي فعله مرة واحدة إذا لم تقم الدلالة على أن المراد فعله مكررا فمتى فعله لم يلزمه شئ آخر بالأمر فلم يصح معنى النسخ فيه قبل فعله ولا بعد فعله
(٢٣٠)