بالأمور فلذلك امتنع جواز شرط ذلك في أوامره ألا ترى أن من قال مثل ذلك منا لعبده عقلنا من لفظه أنه إنما جوز على نفسه انتقاله عن الرأي الأول إلى غيره لما عسى أن يبدو له في المستأنف وأن سيحدث علما لم يكن علمه في الأول فلما كان كذلك وجب ألا يجوز مثله على الله تعالى كما لا يجوز عليه البداء واستحداث العلم بالأمور فإن قال قد أجزت فيما سلف من الأبواب المتقدمة ورود الأمر من الله تعالى معلقا بشرط التمكين منه مثل أن يقول صل إذا زالت الشمس إن كنت صحيحا في ذلك الوقت وقاتل المشركين غدا إن أمكنك وإن كان في المعلوم أنه لا يبلغ حال التمكين ولا يمنع ذلك عندك صحة الأمر معلقا بهذه الشريطة فهلا جوزت أن يقول صل عند الزوال إن لم أنهك عنه قيل له ما قدمنا من علة كل واحد من المثلين في الجواز أو الامتناع هو الموجب للفصل بينهما وهو أنه لا يصح أن يقول قد أردته منك إن لم أكرهه وأن أمري إياك حسن إن لم يك قبيحا وإن هذا القول منه يقتضي تجويز البداء وهذه الصفة منفية وليس في قوله صل إن قدرت عليه اقتضاء صفة حكمها أن تكون منفية عن الله تعالى فلم يمتنع وروده على هذه الشريطة ومن جهة أخرى أن شرط صحة الأمر وكونه حسنا وجود التمكين في حال لزوم فعله فلا يمتنع وروده مقرونا بهذه الشريطة وإن كان في المعلوم أنه لا يبلغ حال التمكين ويدل على هذا أيضا أنه يصح أن يأمر الله تعالى بفعل يفعله في الثاني مع عمله بأنه يفعل في الثاني ما يضاد فعل المأمور به ومعلوم امتناع وقوع الفعل منه في حال وجود ضده كما أنه معلوم امتناع وقوعه منه مع عدم التمكين منه ثم لم يمتنع ورود الأمر
(٢٣٧)