من الرخاء إلى الشدة تارة ومن الشدة إلى الرخاء أخرى فيغني في وقت ثم يفقر في وقت آخر ويصح في وقت ويمرض في وقت آخر كذلك العادات جارية هذا المجرى والعلة في الجميع واحدة وهي جهة المصلحة وهذا أيضا معلوم من تدبير الحكماء لمن يلون أمرهم من أولادهم وعبيدهم أنهم ينقلونهم منه من الشدة إلى الرخاء ومن الرخاء إلى الشدة فينقلونهم من حال إلى حال على حسب ما يرون لهم من المصلحة في أحوالهم وأيضا فإن مقالة هاتين الطائفتين يوجب ألا يفرض الله شيئا أبدا بعد أن لم يكن مفروضا لأن إيجاب الفرض تكليف وهو أثقل من الإباحة وقد وجدنا في كتاب الله تعالى ما يوضح عن بطلان قول هؤلاء قال تعالى فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثير ا فأخبر أنه نقلهم من الإباحة إلى الحظر وهو أشد على المكلف وروي عن معاذ بن جبل وابن عباس وسلمة بن الأكوع وابن عمر وجماعة من التابعين في تأويل قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا ثم أنزل الله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه فجعل الصوم حتما وأسقط التخيير وأيضا فإن الخمرة قد كانت مباحة في
(٢٢٢)